بالعكس كان أولى ، لظهور بعض أخبار القرعة في كونها طريقا إلى الواقع فهي ملحقة بالطرق التعبدية ، وتمام الكلام يأتي إن شاء الله في الاستصحاب والعمدة هو الجواب الأول ، فتدبّر.
قوله : فلا مؤاخذة إلّا على تقدير الوقوع في الحرام (١).
هل المؤاخذة على تقدير الوقوع في الحرام بقدر المعلوم بالإجمال أو مطلقا ولو فرض الوقوع في الحرام أزيد من المقدار المعلوم ، مثلا لو علم بأنّ أحد الأشياء الثلاثة محرّم واحتمل حرمة الباقيين أيضا وارتكب الجميع واتّفق أنه كان الجميع محرّما في الواقع فهل يعاقب بناء على كون وجوب الاحتياط إرشاديا صرفا عقابا واحدا بقدر المعلوم بالإجمال أو يعاقب عقابات ثلاثة؟ وجهان ، من أنّ التكليف المنجّز الفعلي منحصر في واحد وكانت الشبهة بالنسبة إلى الآخرين بدوية مجرى للبراءة ولم يتنجّز التكليف بهما فلا عقاب عليهما ، ومن أنّ كل واحد من الثلاثة مشتبه بالشبهة المحصورة يصحّ العقاب عليه على تقدير مصادفته للحرام وقد فرض المصادفة.
فإن قلت : لم يصادف الحرام الواقعي المعلوم المنجّز إلّا واحدا منها.
قلت : ليس الحرام المعلوم ممتازا حتى يقال إنه منطبق على هذا الفرد دون ذاك ، نعم لو فرض امتياز المعلوم بالإجمال كان لما ذكرت وجه كما لو علم إجمالا بأنّ أحد الثلاثة خمر واتّفق حرمة الآخرين من جهة أنّهما مال الغير فإنّه حينئذ لا ينطبق المعلوم بالإجمال إلّا على الخمر الواقعي منها ، بل نقول في هذه الصورة أيضا نلتزم بتعدد العقاب بوجه آخر قد أشرنا إليه مرارا وهو أنّ مخالفة الأحكام الواقعية الإلزامية مقتضية لاستحقاق العقاب إلّا في مورد يعتذر العبد
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٢٢٩.