عذرا صحيحا عند العقل بحيث يكون العقاب معه قبيحا ، ففيما نحن فيه وفي المثال المذكور لمّا كان ارتكاب جميع الأطراف ممنوعا منه غير مرخّص في واحد منها بحسب التكليف الفعلي ولو إرشادا صحّ العقاب على الواقع المجهول لعدم جواز اعتذار المكلف في مخالفته بأني كنت مرخّصا في الارتكاب عقلا أو شرعا ، لأنا فرضنا عدم الرخصة ولو من جهة أخرى ، ولذا رجّحنا جواز المؤاخذة على الواقع فيما إذا اعتقد أنّ هذا الشيء حرام لكونه نجسا وكان حراما لكونه مغصوبا وارتكبه ، فإنّ الجهل بعنوان المحرّم الواقعي لا يصير عذرا له لو علم بحرمته بعنوان آخر والعقل لا يحكم بقبح العقاب على الواقع المجهول في الصورة المفروضة ، ومن هنا تبيّن أنه لو فرض أنه علم بحرمة أحد الثلاثة وعلم بحلّية الآخرين واتفق كون الجميع حراما صحّ العقاب على كل واحد ، فتدبّر.
قوله : أو هو بمعنى لزوم الاحتراز عنه من حيث إنّه مشتبه (١).
استحقاق المؤاخذة على ارتكاب المشتبه بناء على هذا الوجه من كون المشتبه عنوان المحرّم مبني على أن يكون ارتكاب المشتبه محرّما واقعيا ، وإلّا فإن أفاد دليل الاحتياط كونه حراما ظاهريا نظير مستصحب الحرمة وما قامت البيّنة أو الدليل الشرعي على حرمته فالعقاب فيه دائر مدار مخالفة الواقع كما على تقدير الإرشادية على المختار عند المحقّقين ومنهم الماتن ، فلا يتعدّد العقاب على الوجهين من الإرشادية والعنوانية ، نعم يصح على هذا الاحتمال تحرير هذا التنبيه الثاني بوجه آخر وهو أنّ وجوب الاجتناب عن كلا المشتبهين في الشبهة المحصورة هل هو إرشادي حتى لا نحكم فيهما بالحرمة الشرعية أو
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٢٢٩.