قوله : كأن يثبت بالأصل براءة ذمّة الشخص الواجد لمقدار من المال واف بالحج من الدين (١).
احتمالات المسألة ثلاثة ، الأول : أن الاستطاعة أمر وجودي بسيط قد علّق عليه وجوب الحج ، ولا يتحقق هذا المعنى في الخارج إلّا على فرض عدم الدين ، وعلى هذا الاحتمال إثبات موضوع الاستطاعة بأصالة عدم الدين من أوضح أفراد الأصول المثبتة التي لا اعتبار بها عند جماعة منهم المصنف ، وهذا الاحتمال وإن كان أقرب بحسب ظواهر الأدلة إلّا أنّ ظاهر المتن اختيار غير هذا الاحتمال كما سيظهر.
الثاني : أن تكون الاستطاعة معنى مركبا من وجدان ما يكفيه مئونة للحج من الزاد والراحلة والرجوع إلى كفاية إن اعتبرناه ، ومن عدم الدين ظاهرا وإن كان ثابتا في الواقع ولا يعلمه المستطيع ، وعليه لا إشكال في تحقق موضوع الاستطاعة بعد إجراء أصالة البراءة من الدين حتى أنه إن تبيّن بعد ذلك وجود الدين واقعا لا يقدح لتحقق الموضوع الواقعي واقعا وحجه حجة الإسلام واقعا.
الثالث : أن تكون الاستطاعة معنى مركبا من وجدان المال المذكور وعدم الدين واقعا ، وهذا الاحتمال ظاهر المتن حيث إنه جعل وجدان المقدار الكذائي من المال مقتضيا والدين مانعا من الاستطاعة فيقال أحد جزأي الموضوع وهو وجدان المال ثابت بالوجدان والآخر يثبت بالأصل ، وليس ذلك من الأصول المثبتة ، بل الأثر الشرعي وهو وجوب الحج مترتب على نفس مجرى الأصل ولا غائلة فيه ، وليس من باب إثبات الأصل لموضوع الحكم الشرعي بل حاله حال سائر الأصول المعتبرة المترتبة عليها الآثار الشرعية ، ولازم ذلك أنه إن
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٤٤٩.