تبيّن بعد ذلك وجود الدين واقعا كشف عن عدم حصول الشرط واقعا وحجه لا يكفي عن حجة الإسلام ، ومن هذا البيان يعرف حال مثال الماء المشكوك الإباحة المذكور في المتن بالمقايسة من كون حكم وجوب الوضوء معلّقا على وجدان الماء المباح الواقعي أو الظاهري.
قوله : ومنه المثال الثاني فإنّ أصالة عدم بلوغ الماء ، إلخ (١).
إن قلنا بأنّ وصف القلّة معنى وجودي بسيط أنيط به الانفعال كما هو ظاهر المتن فلا يمكن إثباته بأصالة عدم الكرية وهو واضح ، إلّا أنا لا نحتاج في إثبات القلّة إلى استصحاب عدم الكرية لجريان استصحاب القلة بنفسه كما لا يخفى ، وإن قلنا بأنه عبارة عن عدم الكرية أو قلنا بأنّ ما أنيط به حكم الانفعال نفس عدم الكرية لا وصف القلة كما هو ظاهر قوله (عليهالسلام) «إذا بلغ الماء قدر كر لم ينجّسه شيء» (٢) فلا إشكال في جريان الأصل كما مرّ في مثال الاستطاعة بعينه ، وليس من باب إثباته لموضوع حكم آخر ، بل حكم الانفعال مرتّب على نفس مجرى الأصل.
قوله : ولا اختصاص لهذا الشرط بأصل البراءة بل يجري في غيره من الأصول والأدلة (٣).
لم يعلم من صاحب الوافية تخصيص الشروط التي ذكرها بأصل البراءة ، بل علم منه التعميم على ما حكى عنه المحقق القمي (رحمهالله) قال في
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٤٤٩.
(٢) الوسائل ١ : ١٥٨ و ١٥٩ / أبواب الماء المطلق ب ٩ ح ١ ، ٢ ، ٥ (مع اختلاف يسير).
(٣) فرائد الأصول ٢ : ٤٥١.