ويترتب على إرجاعه إلى مسألة الضد ، وهو كذلك بعد دقة النظر ، إذ بعد فعل كل منهما لا يبقى محل للآخر ، فهما لا يجتمعان في زمان واحد ، فتأمل.
قوله : فإن كانت الشبهة في التحريم فلا إشكال ولا خلاف ظاهرا في عدم وجوب الفحص (١).
قد مرّ سابقا الإشكال فيما إذا كان الشك مما يزول بأدنى تأمّل والتفات ، بل يجب في مثله الفحص وتحصيل العلم إما لعدم صدق الشك على مثله وإما لانصراف أدلة البراءة عنه ، مثلا لو شكّ في أنّ ثوبه تنجس بالدم أم لا لكنه يعلم أنه إن نظر إلى الثوب يحصل له العلم بالحال لكنه لا ينظر إليه ويتشبّث بأصالة البراءة ، فإنّ ذلك مع أنه غير منصرف الأدلة ويشك في صدق الشك عليه لعله خلاف السيرة بعيد عن مذاق الشرع أيضا ، بل قد يدعى عدم جواز التمسك بأصل البراءة قبل الفحص في كل مورد يعلم أنه بالفحص يحصل له العلم بالحال.
قوله : وإن كانت الشبهة وجوبية فمقتضى أدلة البراءة حتى العقل (٢).
قد مرّ التأمل سابقا في حكم العقل بالبراءة في الشبهة الحكمية فضلا عن الشبهة الموضوعية التي ليس بيانها من وظيفة الشارع ، بل نقول إنّ بناء العقلاء على الفحص كما سيأتي في المتن في بعض الأمثلة ، وما ادّعى في المتن من أنّ مقتضى حكم العقلاء في بعض الأمثلة عدم الفحص مثل قول المولى لعبده أكرم العلماء أو المؤمنين فإنه لا يجب الفحص في المشكوك حاله محلّ نظر بل منع ، ولو صحّ ما ذكر فهو من جهة إرادة الجنس من الجمع المحلّى باللام لا العموم ،
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٤٤١.
(٢) فرائد الأصول ٢ : ٤٤٢.