على كون وجوب الاجتناب عن الشبهة المحصورة إرشاديا وتعدده بناء على كونه مولويا إنما يتم فيما إذا ارتكب أطراف الشبهة تدريجا ، وأما إذا ارتكبها دفعة فلا عقاب إلّا على الحرام الواقعي قولا واحدا ، فنقول : إن أراد بارتكاب الأطراف دفعة ارتكابها بفعل واحد كما في صورة مزج أحد الإناءين بالآخر وشربه فهو كما ذكره ، لكنّه من جهة تبدّل عنوان المشتبه بالحرام المعلوم تفصيلا ، وإن أراد ارتكابها بأفعال متعددة في زمان واحد فالفرق بينه وبين صورة التدريج لا نعقله.
قوله : والمفروض أنّ الظن في باب الضرر طريق شرعي إليه (١).
يرد عليه أنه على فرض كون الظن طريقا شرعيا إلى الضرر كيف يترتب العقاب عليه على تقدير عدم مصادفة الواقع ، وإنما يناسب ترتب العقاب على مجرّد الظن بالضرر كون ظن الضرر موضوعا للحرمة ، وهكذا في صورة العلم بالضرر لو لم يكن العلم موضوعا بل طريقا لم يكن وجه لترتب العقاب على تقدير عدم مصادفة الواقع ، اللهمّ إلّا أن يحمل هذا الكلام منه على مختار غيره من ترتّب العقاب على مخالفة الطريق لا الواقع كما هو مختاره ، وعليه يحمل قوله كما لو ثبت سائر المحرّمات بالظن المعتبر ، ويشهد لهذا التوجيه قوله وأما حكمهم بوجوب دفع الضرر المظنون إلى آخره ، فإنه نسب الحكم إلى غيره فتأمل. ومحصّل كلامه في الفرق أنّ الحكم بوجوب الاجتناب في الشبهة المحصورة إرشادي وفي المظنون الضرر مولوي.
ثم إنّ الدليل على اعتبار الظن في باب الضرر على تقدير كونه طريقا بناء العقلاء وظهور الإجماع ، ولكن الأظهر أنّ ظن الضرر بل احتماله الموجب
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٢٣٠.