للخوف موضوع لحكم العقل بوجوب دفعه وقبح الإقدام عليه ولو اتفق عدم مصادفته للضرر في الواقع ، بل هو كذلك بالنسبة إلى جملة من الأحكام الوضعية كالظن بالضرر بل مطلق خوفه بالنسبة إلى التكليف بالجبيرة في الغسل والوضوء ، وكخوف مطلق استعمال الماء بالنسبة إلى التكليف بالتيمم ، وكخوف الضرر في السفر بالنسبة إلى التكليف بوجوب الإتمام في الصلاة والصوم إلى غير ذلك مما ثبت في الشرع بأدلته المذكورة في محلّها أنّ الحكم معلّق على ظن الضرر أو خوفه ولو لم يكن ضرر في الواقع ، فمن ظن بالضرر باستعمال الماء وتوضأ أو اغتسل فوضوؤه أو غسله باطل ولو كان الظن خطأ ، ولا ينافي ذلك كون نفس الضرر الواقعي أيضا موضوعا آخر لذلك الحكم حتى لو اعتقد عدم الضرر وتوضأ ثم تبين أن الوضوء كان مضرا ، فيحكم ببطلان الوضوء إما من جهة حديث نفي الضرر الحاكم برفع الوضوء الضرري واقعا وإما من جهة لزوم اجتماع الأمر والنهي فإنّ الإقدام على الضرر محرّم شرعا ، فعلى القول بعدم جواز الاجتماع يحكم ببطلان الوضوء.
لكن المصنف (قدسسره) أورد على الوجهين في رسالة أفردها في قاعدة الضرر ، أما على الوجه الأول ، فبأنّ قاعدة نفي الضرر لا تشمل المقام من جهتين : الأولى أنّ حديث نفي الضرر وارد في مقام الامتنان ولا امتنان في رفع الحكم في الفرض المذكور ، فإنّ المكلف لجهله بموضوع الضرر قد تكلّف بفعل الوضوء فالمناسب للامتنان أن يحكم بصحّة وضوئه لا بطلانه. والثانية : أن مقتضى حديث نفي الضرر ليس إلّا رفع الحكم الذي يوجب وقوع المكلف في الضرر ، ولكن الذي أوقع المكلف في الضرر في المثال المذكور جهله بموضوع الضرر لا حكم الشارع بالوضوء.
ويرد على الأول : أنّ الامتنان على تقدير صحته استنباطه من الحديث