حكمة للحكم لا علة يدور الحكم مداره ، وإلّا لزم صحة وضوء من توضأ عالما عامدا بالضرر ، إذ لا امتنان في رفع الحكم عنه والحكم بفساد وضوئه ، ولا يقول به.
وعلى الثاني : أنّ الجاهل بموضوع الضرر لم يوقعه في الضرر سوى اعتقاده بوجوب الوضوء وإلّا لم يكن له داع إلى الوضوء الضرري ، فالحكم بوجوب الوضوء حكم ضرري ينفيه حديث نفي الضرر.
وأما على الوجه الثاني : فبأن النهي عن الإقدام على الضرر في الفرض المزبور ليس فعليا منجّزا لمكان الجهل بالضرر بل هو شأني ، ويجوز اجتماع النهي الشأني مع الأمر الفعلي ، إنما الممتنع اجتماع الأمر والنهي الفعليين على القول به على ما قرروه في مسألة اجتماع الأمر والنهي.
ويرد عليه : أنّ التحقيق عدم جواز الأمر والنهي الشأنيين أيضا على القول بعدم جواز كون الشيء الواحد محبوبا ومبغوضا في نفسه ولو لم يتنجّز التكليف به ، وتمام الكلام في محلّه في مسألة اجتماع الأمر والنهي.
قوله : لو شكّ في هذا الضرر يرجع إلى أصالة الإباحة وعدم الضرر (١).
لا نعرف وجها لأصالة عدم الضرر ، وقد يوجّه بما يرجع إلى أصالة الإباحة ، وفيه ما فيه.
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٢٣٠.