هذا الاحتمال مثل قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل ونحوها ، وبعد فرض عدم هذه الضميمة فشغل الذمة منفي بعدم مقتضيه ، هذا غاية توجيه هذا الدليل.
وفيه نظر :
أما أوّلا : فبالنقض بأصالة البراءة قبل الفحص فإنها غير جارية إجماعا مع جريان مقدمات هذا الدليل في مواردها بعينها ، إذ ليس هناك أيضا سوى احتمال وجود التكليف الواقعي ، والمفروض عدم قيام دليل على لزوم مراعاة ذاك الاحتمال بالاحتياط.
وثانيا : بالحلّ ، وهو أنّ عدم قيام الدليل على شغل الذمة في الظاهر ليس دليلا على نفي الشغل ، والمطلوب في المقام إقامة الدليل على عدم الشغل ولم يحصل ، غاية الأمر أنّه لم يثبت وجوب الاحتياط أيضا ، فبقي المورد مشكوك الحكم الظاهري ، والمقصود أن يثبت أنّ الحكم الظاهري هنا هو البراءة.
وبعبارة أخرى أنّه يجب على المكلف بعد احتماله ثبوت الحكم في المورد أن يسلك طريقا مأمونا ويتشبث بما يكون عذرا صحيحا عن قبل ذلك المحتمل ، فلا بدّ من إقامة دليل يفي بأنّ المكلّف في هذا الحال مأمون معذور وإن كان التكليف في الواقع ثابتا ، والدليل المذكور لا يفي بذلك ، بل مفاده عدم قيام الدليل على الاحتياط وهو غير قيام الدليل على البراءة ، فبقي كل من الاحتياط والبراءة بلا دليل ، واحتمال وجود الحكم الواقعي غير مأمون من جهته (١).
__________________
(١) أقول : ويمكن دفع هذا الإشكال وتصحيح الاستدلال بأن يقال : إنّ احتمال وجود التكليف بمجرده لا يوجب التماس طريق مأمون إلّا إذا انضمّ إليه قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل ، فلو فرض عدم تلك القاعدة أو أغمضنا عنها فالاحتمال المذكور خال عن الاقتضاء ، ففي هذا الموضوع اللااقتضائي يحكم العقل بعدم الحرج في الفعل والترك