قوله : مدفوع بأنه إن قام دليل على وجوب إتيان الشاك ، إلى آخره (١).
لقائل أن يقول نختار الشق الأول ولا محذور ، قوله : أغنى ذلك من التكليف بنفس الفعل ، قلنا هذا إنّما يتم لو دلّ الدليل المفروض على ثبوت حكم ظاهري بإتيان الفعل المشكوك لاحتمال المطلوبية ، فحينئذ يصح أن يقال إنّ هذا التكليف مغن عن التكليف بالواقع المجهول ، وأما إذا فرضنا دلالة الدليل على وجوب إتيان الفعل من حيث كونه مقدمة للتوصّل إلى التكليف الواقعي وإرشادا إليه الذي يرجع محصّله إلى بيان تنجّز الواقع حال الجهل به ، فحينئذ لا يغني هذا عن التكليف بالواقع بل يستلزمه كما لا يخفى ، إلّا أنّ هذا كلّه لا ينافي صحّة الاستدلال بالقاعدة العقلية على المطلوب بالتوجيه المشار إليه في :
قوله : والحاصل أنّ التكليف المجهول لا يصحّ ، إلى آخره (٢).
لأنّه وإن أمكن ورود دليل دال على وجوب إتيان الشاك في التكليف بالفعل ولو بنحو الإرشاد وتنجيز الواقع ، إلّا أنه لم يرد ونحن نتكلّم على هذا الفرض ، فالدليل تام لكن الدليل يرجع بالأخرة إلى أنّ مجرّد وجود الخطاب والتكليف الواقعي لا يفي بوجوب إتيان المحتمل للاحتياط ، وليس هذا من باب التكليف بما لا يطاق الذي هو عنوان الدليل.
والحاصل أنّه لا شيء يقتضي شغل الذمة ظاهرا ، ومجرّد احتمال وجود الحكم الواقعي المجهول بالفعل لا يوجب إيقاع المكلف في كلفة شيء من الفعل والترك ما لم ينضمّ إليه حكم آخر من الشرع أو العقل ولو إرشادا بلزوم رعاية
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٥٨.
(٢) فرائد الأصول ٢ : ٥٨.