الاجتناب عنه من باب المقدمة العلمية أو وجه آخر تعبدي كما قيل فكيف يمكن الحكم بتنجس الملاقي بالكسر ، وهكذا في قوله مبنيان على أنّ تنجس الملاقي وغيره مما يعبّر المصنف بتنجّس الملاقي يراد منه وجوب الاجتناب ، وقد سامح (رحمهالله) في التعبير أو سهو من قلم النسّاخ فافهم.
ثم اعلم أنّ الحق هو القول الأول وهو القول بوجوب الاجتناب عن الملاقي لا من جهة الوجوه المذكورة في المتن مع جوابها أو الوجوه التي تمسك بها بعض وسنشير إليها ، بل لما أشار إليه المصنف فيما سيأتي فيما أورده على نفسه بقوله : فإن قلت وجوب الاجتناب عن ملاقي المشتبه إلى آخره ، وحاصله : أنه كما نعلم إجمالا بنجاسة واحد من الإناءين فيحكم بمقتضى المقدمية بوجوب الاجتناب عنهما ، كذلك نعلم بنجاسة واحد من الملاقي والطرف الآخر فيجري حكم المقدمية ، أو يقال نعلم إجمالا بنجاسة الملاقي والملاقى معا أو الطرف الآخر ، وذلك للعلم باتحاد حكم الملاقي والملاقى شرعا طهارة ونجاسة ، وبالجملة كون الملاقي طرفا للعلم الإجمالي وجداني لا يمكن إنكاره ، إلّا أنه أجاب عنه المصنف (قدسسره) بما سيأتي ما فيه فانتظر.
قوله : بناء على أن الاجتناب عن النجس يراد به ما يعمّ الاجتناب عن ملاقيه (١).
يرد عليه ـ مضافا إلى ما أورد عليه في المتن من منع الدلالة المذكورة من مجرّد الاجتناب عن الشيء وإلّا لدلّ الاجتناب عن الغصب ونحوه على الاجتناب عن ملاقيه ، وإنما يحكم بوجوب اجتناب ملاقي خصوص النجس من جهة الدليل القائم على سراية نجاسة الشيء إلى ملاقيه مع الرطوبة ، فيصير
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٢٣٩.