ثم إنّ ما ذكره في الوجه الثاني من أنّ الملاقاة مقتضية للانفعال والكرية مانعة عنه والشك فيها شك في المانع لا ينفع في إثبات الانفعال ، إذ لا وجه لترتب أثر المقتضي إلّا بعد إثبات عدم المانع بالأصل ، ولا يجري هنا أصالة عدم المانع ، لأنّ المفروض عدم العلم بالحالة السابقة ، اللهمّ إلّا أن يتشبّث بأصل العدم العقلائي ولا يقول به المصنف ، وتحقيق هذه المسألة والتكلم في أطرافها أنسب بمبحث الاستصحاب كمسألة عدم تقدّم الكرية على ملاقاة النجاسة في المثال الثالث ، وقد تعرّض له المصنف هناك وله تحقيقات وبيانات في أطرافها في الفقه والأصول ولعلنا نتعرّض لها وسائر ما قيل أو يقال فيها مع ما يرد عليها في رسالة الاستصحاب عند تعرّض المصنف ، وفّقنا الله له ولكل خير.
قوله : ويرد عليه أنه إن كانت قاعدة نفي الضرر معتبرة في مورد الأصل (١).
هذا الجواب مأخوذ من كلام صاحب القوانين (رحمهالله) ظاهرا وعبارته أوفى وأجمع للجواب حيث قال : وأما الثاني ففيه أنّ نفي الضرر من الأدلة الشرعية المجمع عليها ولا فرق بينه وبين غيره ، وقد عرفت أنّه لا يجوز التمسك بأصل البراءة مع ثبوت الدليل بل قبل التفحّص عن الدليل ، فإن ثبت الضرر وتحقق اندراج محلّ النزاع فيه فلا إشكال في عدم الجواز ، وإن ثبت عدمه فلا إشكال في الجواز ، وإن شك فيه فكذلك أيضا لعدم ثبوت الدليل فلا محصّل لما ذكره ، والمشهور دخول أمثال ذلك تحت قاعدة الإتلاف لصدقه عليه عرفا ، وأما شمول قوله (عليهالسلام) «لا ضرر ولا ضرار» لذلك فهو
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٤٥٥.