تنبيه :
ومما يتفرّع على القول بعموم الرفع لجميع الآثار أنه لو نسي جزءا من
__________________
وكيف كان ، يمكن دفع إشكال التخصيص الأكثر المورد على ما يشابه حديث الرفع الوارد في مقام الامتنان كأدلة الحرج والضرر وأمثالهما بمثل الجوابين المذكورين خصوصا الجواب الأخير. فتحصّل من جميع ما ذكرنا أنّ المختار في الحديث ظهوره في رفع جميع الآثار بالتقريب السابق مع دفع إشكالاته.
واعلم أنّ هاهنا إشكالا لا بد من التنبيه عليه ، وهو أنّه قد عرفت أنّ الأحكام المرفوعة لا بد أن تكون أحكاما ثابتة في الواقع أو قابلة للثبوت لو لم يكن الامتنان في رفعها ظاهرا أو دفعها واقعا بحيث كان يصح العقاب عليها لو لا الرفع ولو من جهة إمكان التحفظ أو الاحتياط ، فحينئذ نقول يلزم من ذلك رفع الأحكام عن الخاطئ والناسي إلى آخر الستة الأول المقصّرين بالنسبة إلى أحكام الشارع أو موضوعاتها ، فمن ترك التحفّظ اختيارا عمدا حتى أخطأ أو نسي أو ترك مقدمات العلم فجهل أو أوقع نفسه في مورد الاضطرار أو الإكراه أو ما لا يطاق عمدا فالحكم مرفوع عنه ولا يعاقب على ما فعله كائنا ما كان ، مع أنّ هذا من المنكرات جدا لا يمكن الالتزام به ، وقد أوردت هذا الإشكال على السيد الأستاذ (دامت بركاته) فأجاب بأنّ المراد رفع الحكم عمّن وقع في المذكورات من الخطأ والنسيان إلى آخره مسامحة في ترك التحفظ أو غيره من المقدمات المقدورة الاختيارية لا من أوقع نفسه فيه عمدا للتوصّل إلى ارتكاب المحرّمات الشرعية ، لانصراف إطلاق الدليل عنه البتّة ، ولذا لا نقول في مثل هذا المثال بالبراءة كمن شرب المائع المحتمل الخمرية برجاء كونه خمرا حرصا على شرب الخمر فيعاقب عليه لو اتّفق كونه خمرا.
ولا يخفى عليك أنّ الالتزام بالرفع في موارد وقوعه في الخطأ والنسيان إلى آخره بالمسامحة أيضا مطلقا لا يخلو عن المحذور السابق سيّما بالنسبة إلى الإكراه والاضطرار وما لا يطاق ، فمن دخل دار الخمّارين مثلا عمدا ملتفتا إلى أنّه يكرهونه إلى شرب الخمر أو يضطر إليه حينئذ بوجه آخر أو لا يطيق ترك الشرب حينئذ ، لزم رفع الحرمة بالنسبة إليه إذا كان الدخول من باب المسامحة لا لغرض التوصّل إلى شرب الخمر ، ولا أظنّ أحدا يلتزم بذلك.