وقد أجاب المحقّق الخراساني قدسسره عن الإشكالين :
أمّا عن الأوّل ، فبكفاية التّعدّد الاعتباري فشخص لفظ واحد ، دالّ من حيث كونه صادرا عن لافظه ، ومدلول من حيث كونه بشخصه مرادا ومقصودا للافظه ، فالدّال والمدلول وإن كانا متّحدين ذاتا ، إلّا أنّهما متعدّدان اعتبارا ؛ وهذا المقدار من التّعدد كاف.
وأمّا عن الثّاني ، فبأنّ تركّب القضيّة من جزءين ، إنّما يلزم إذا لم يكن في البين موضوع أصلا ، لا نفسه وشخصه ، ولا لفظه وحاكيه ، والمفروض : أنّ الموضوع هنا موجود وهو شخص اللّفظ ، فالقضيّة ثلاثيّة نسبتها ثابتة بين المنتسبين (شخص الموضوع وما يحكي عن المحمول).
وبعبارة اخرى : لا بدّ في القضيّة من وجود الموضوع ، غاية الأمر ، تارة يكون الموضوع موجودا بشخصه ؛ واخرى بدالّه وحاكيه ، وهذا هو الغالب والمحمول فيما إذا كان الموضوع موجودا بشخصه يحمل على نفس الموضوع ، لا على الحاكي عنه.
وعليه : فالقسم الأخير (إطلاق اللّفظ وإرادة شخصه) ليس من باب استعمال اللّفظ ، لا في المعنى ، كما هو واضح ، ولا في اللّفظ شخصه ، فلم يطلب من اللّفظ عمل لا حكائيّا إخطاريّا ، ولا إنشائيّا إيجاديّا ، بل يكون من باب إتيان شخص اللّفظ وجعله موضوعا.
وقد مثّل لتقريب هذا القسم استاذنا الكبير الشّيخ هاشم القزويني قدسسره في مجلس درسه : بما إذا حمل شخص ، جسد شخص وقال ـ مشيرا إلى الجسد ـ مات ، حيث إنّ الموضوع هنا نفس الجسد وعينه ، لا الحاكي عنه والدّالّ عليه ، فتأمّل.