وعليه : ففعل الواضع وهو الوضع لا بدّ أن يكون معلّلا بغاية وغرض ، وحيث إنّ الغرض في الوضع هو إظهار المقاصد وإبراز المرادات ، فيتضيّق الوضع ويصير للمعنى المراد ، لا للمعنى بما هو هو وإلّا صار لغوا.
وفيه : أنّ غاية الوضع إنّما هو إفادة ذوات المرادات وتفهيم نفس المعاني بما هي هي ، لا بما هي مرادة لا شطرا ولا شرطا ، فالمتكلّم اللّافظ إنّما يريد إفادة نفس المعنى ، وكونه مرادا إنّما يكون ـ كالآليّة أو الاستقلاليّة ـ من شئون الاستعمال وطواريه ، أو من مقدّماته الأجنبيّة عن الوضع ، بل كون المعنى مرادا ، أمر مغفول عنه للمتكلّم والمخاطب.
وعليه : فما هو اللّازم ليس إلّا تعلّق الإرادة بالموضوع له ولو حين الاستعمال ، لا أخذها في المستعمل فيه ، فضلا عن الموضوع له ، فلا تلزم اللّغويّة ، وإنّما تلزم لو لم يترتّب على الوضع أثر أصلا حتى حين الاستعمال.
هذا كلّه ، مضافا إلى أنّ كون غاية الوضع إفادة المرادات ووقوعها في سلسلة العلل الفاعليّة ، يقتضي حصولها عند حصول الوضع وتحقّقها علما وتصوّرا عند تحقّق العلقة الوضعيّة ، وأمّا أخذها في المستعمل فيه فضلا عن الموضوع له ، فلا. (١)
الثّاني : أنّ الإرادة بالحمل الأوّلي (مفهوم الإرادة) مأخوذة في الموضوع له شطرا.
وفيه : منع واضح.
__________________
(١) راجع ، تهذيب الاصول : ج ١ ، ص ٣٥ و ٣٦.