الثّالث : أنّ الألفاظ توضع لما يحمل عليه مفهوم الإرادة بالحمل الشّائع وهو المراد بالذّات ، أي : الصّورة العلميّة القائمة بالنّفس صدوريّا أو حلوليّا.
وفيه : أنّه يلزم على هذا ، عدم صحّة الحمل على الخارج ، ولا ينطبق المعنى عليه حتّى مع التّجريد.
على أنّه يلزم أن يكون الموضوع له خاصّا في جميع الأوضاع ، وهذا ممّا لا يمكن الالتزام به.
الرّابع : أنّ الألفاظ موضوعة لما هو المراد بالعرض.
وفيه : أنّه يلزم منه عدم صحّة الحمل إلّا بالتّجريد ، مع أنّه يصحّ بدونه ، مضافا إلى ، ما مرّ آنفا من : أنّه يلزم أن يكون الموضوع له خاصّا في جميع الأوضاع ، وهذا كما ترى.
الخامس : أنّ الموضوع له في الألفاظ هو المعاني المرادة على وجه القضيّة الحينيّة لا المشروطة.
وفيه : أنّ هذا الوجه مبتن على ما عرفت في الوجه الأوّل من : أنّ الوضع لا بدّ أن يكون معلّلا بغاية وغرض ، وقد عرفت هناك ما فيه من الخلل والضّعف.
هذا كلّه في مقام الثّبوت.
وأمّا مقام الإثبات ، فالأمر فيه واضح جدّا ؛ حيث إنّه يتبادر نفس المعنى من اللّفظ عند سماعه ولو من جماد أو نبات أو حيوان بلا دخل للإرادة أصلا.
فتحصّل من جميع ما ذكرنا : أنّه لا يمكن أخذ إرادة اللّافظ في معاني الألفاظ لا ثبوتا ولا إثباتا ، بل مقتضاهما هو أنّها موضوعة لذات المعاني من حيث هي هي.