إلّا إذا كانت موجبة للظّهور الّذي هو المتّبع في موقف الاستظهار ومقام استنباط الأحكام من الآيات والأخبار.
فما يقال : من ترجيح المجاز على الاشتراك ـ عند دوران الأمر بينهما ـ معلّلا بغلبته عليه ، وبأنّ باب المجاز واسع ، فهو أكثر ، وأنّ الظّن يلحق الشّيء بالأعمّ الأغلب إلى غير ذلك ، ليس إلّا ظنّا واستحسانا ، لا يعبأ به ولا شأن له ؛ لفقد الدّليل على اعتباره.
وأمّا خبر محمّد بن هارون الجلّاب عنه عليهالسلام : «إذا كان الجور أغلب من الحقّ ، لم يحلّ لأحد أن يظنّ بأحد خيرا حتّى يعرف ذلك منه» (١) فليس بصدد بيان أنّ الظّن يلحق الشّيء بالأعمّ الأغلب وترجيح أمر على أمر آخر عند الدّوران والتّعارض ، بل هو كان بصدد بيان أمر أخلاقيّ مقتضاه ترتيب آثار الحقّ والعدل ، لا ترتيب آثار الجور والظّلم.
وبالجملة : لا يعتمد على ما ذكر من التّرجيحات في أمثال المقام ، بل المتّبع عند العقلاء ، ليس إلّا الظّهور وأنّه هو الحجّة حتّى عند احتمال وجود القرينة أو احتمال قرينيّة الموجود ، كما أنّ الأمر كذلك لو قيل : بأنّ المتّبع ، أصالة الحقيقة.
نعم ، لو قيل : بكون المتّبع أصالة عدم القرينة ، فلا تجري إلّا عند احتمال وجودها لا عند احتمال قرينيّة الموجود ، أيضا.
وعليه : فلا أصل في البين ، يرجع إليه في تقديم أحد الأحوال ، إلّا أصالة الظّهور الّتي كانت هي مرجع سائر الاصول ، من أصالة العموم أو الإطلاق أو نحوهما.
__________________
(١) وسائل الشّيعة : ج ١٣ ، كتاب الوديعة ، الباب ٩ من أبواب احكام الوديعة ، الحديث ٢ ، ص ٢٣٣ و ٢٣٤.