«تنبيه»
إذا دار الأمر بين نقل لفظ عن معنى وعدمه ، ففيه صورتان :
الاولى : ما إذا شكّ في نقل اللّفظ من معناه الحقيقيّ.
الثّانية : ما إذا علم بالنّقل ووقوع الاستعمال ، ولكن شكّ في تقدّمه على الاستعمال وتأخّره عنه.
أمّا الاولى ، فلا ريب في عدم اعتناء العقلاء باحتمال النّقل والشّكّ فيه ، بلا فرق في ذلك ، بين أن يكون المعنى الأوّل معلوما ، فشكّ في نقله عنه إلى غيره ـ كلفظ : «الصّلاة» فإنّه وضع لمعنى الدّعاء ، وهذا معلوم ، ولكن شكّ في نقله منه إلى معنى آخر ، كالأركان المخصوصة ـ وبين أن يكون اللّفظ ظاهرا في معنى في هذا الزّمان ، فشكّ في أنّه كذلك في عصر النّزول أو الصّدور ـ أيضا ـ كلفظ : «الصّعيد» فإنّه ظاهر في مطلق وجه الأرض في عصرنا ، لكن شكّ في أنّه هل كان كذلك في عصر نزول آية التّيمّم (١) أو كان ظاهرا في التّراب الخالص؟ فيحتمل نقله من ذلك الظّهور إلى هذا الظّهور.
وكيف كان ، في الفرضين لا يعتني العقلاء باحتمال النّقل والشّكّ فيه ما لم يجدوا فيه دليلا وجيها عليه.
ووجه عدم الاعتناء ، هو عملهم بالظّهور وبناءهم على العمل به وعدم رفع اليد عنه بمجرّد احتمال النّقل.
__________________
(١) سورة النّساء (٤) : الآية (٤٣).