هو من باب الادّعاء وتنزيل الفاقد منزلة الواجد مسامحة ، أو من باب اكتفاء الشّارع به ، كما في صلاة الغرقى ، حيث لا يمكن فيه الالتزام بالتّنزيل المذكور.
وأمّا القصر والإتمام ، فهما وإن كانتا في عرض واحد بالقياس إلى مرتبة العليا ، إلّا أنّه يمكن تصوير الجامع بينهما فقط ، وعلى ما ذكرنا ، فتبطل ثمرة النّزاع بين القولين : وهي التّمسّك بالإطلاق على الأعمّي وإجمال الخطاب على الصّحيحي ؛ إذ المفروض ، أنّ الصّلاة موضوعة لخصوص المرتبة العليا وإطلاقها على غيرها من باب المسامحة والتّنزيل ، وعليه ، فلا مجال للتّمسّك بالإطلاق ـ على تقدير وجوده في العبادات ـ لعدم العلم بالتّنزيل والادّعاء في مقام الاستدلال ، فيصير اللّفظ مجملا. (١)
هذا ، ولكن يرد عليه ، أوّلا : بأنّه من المعلوم إطلاق مثل لفظ : «الصّلاة» عند المتشرّعة على جميع مراتبها من العليا والوسطى والدّنيا ، بلا تنزيل وعناية ، فيعلم منه أنّ الموضوع له هو الجامع بين جميع المراتب ، لا خصوص المرتبة العليا.
وثانيا : بأنّه لا وجه لاستثناء مرتبة القصر والإتمام ، بل على ما ذكرنا ، لا بدّ من تصوير الجامع في جميع المراتب الكثيرة.
وثالثا : بأنّ الثّمرة تترتّب حتّى على القول بالوضع للمرتبة العليا.
بتقريب : أنّ لفظ : «الصّلاة» مثلا ، موضوع للجامع بين جميع المراتب العليا من الصّحيحة والفاسدة على القول الأعمّى ، ولخصوص الصّحيحة من المراتب العليا على القول الصّحيحي ، وعليه ، فلو كان في البين خطاب مطلق وشكّ في اعتبار شيء في المأمور به ، فعلى الصّحيحي ، لا مجال للتّمسّك بإطلاقه لرفع الشّكّ ؛ إذ الشّكّ في
__________________
(١) راجع ، أجود التّقريرات : ج ١ ، ص ٣٦.