إليه من الأثر ، فهل يصحّ أن يقال : أنّ العرف يفهم من قولنا : «زيد صلّى» أو «زيد يصلّي» جامعا ذاتيّا مقوليّا ، مع أنّ أخذ هذا الجامع من مثل «الصّلاة» غير معقول لتركّبها من مقولات ، نظير مقولة «كيف» و «وضع» وغيرهما ، والمقولات أجناس متباينات بتمام الذّات ، على ما قرّر في محلّه.
وبالجملة : حيث إنّ الصّلاة مركّبة من تلك المقولات المتباينة ذاتا ، والمركّب ليس إلّا الأجزاء بالأسر ، فلا جامع ذاتيّا لمرتبة واحدة منها ، فضلا عن مراتبها الكثيرة المختلفة كمّا وكيفا. هذا كلّه في الجامع الذّاتي.
وأمّا الجامع العنواني ، كعنوان «النّاهي» فوضع الصّلاة بإزائه وإن كان ممكنا ثبوتا ، لكن لا دليل عليه إثباتا ، بل الدّليل على خلافه ، لصحّة استعمالها في المعنون بلا تجوّز وعناية مع أنّه غير العنوان ؛ مضافا إلى أنّ القول بوضعها لنفس العنوان سخيف جدّا ، وإلّا لزم التّرادف بين الصّلاة والنّاهي ، وهو كما ترى.
هذا ولكن أشكل المحقّق النّائيني قدسسره عليه ـ أيضا ـ حيث قال بعد ذكر مقدّمة ، ما هذا لفظه : «أنّ العبادات كلّها من قبيل العلل المعدّة ، فإنّ المأمور به فيها هي أنفسها ، لا ما يترتّب عليها من الأغراض ، فيعلم أنّ نسبة العبادات إليها نسبة العلل المعدّة إلى معاليلها ، لا نسبة الأسباب التّوليديّة إلى مسبّباتها ، ويحتاج ترتّب الأغراض عليها إلى توسّط امور إلهيّة غير اختياريّة للمكلّف ، وإلّا لكان تعلّق الأمر بنفس الغرض مع عدم كونه أمرا عرفيّا معلوما ـ نظير الطّهارة الخبثيّة ـ أولى من تعلّقه بنفس الأجزاء والشّرائط ، فلا يعقل أن يكون هناك جامع يكون عنوانا للمصاديق في مقام التّسمية وتعلّق الخطاب ، والغرض تصوير الجامع في هذا المقام». (١)
__________________
(١) أجود التّقريرات : ج ١ ، ص ٣٩ و ٤٠.