هو غير متناه ، إلّا أنّ الوضع ليس مطلوبا نفسيّا ، وإنّما هو لأجل إظهار الغرض والحاجة ، فيصير الوضع بإزاء المعاني غير المتناهية لغوا ؛ لكونه زائدا على مقدار حاجة البشر ، والمفروض أنّه هو المحتاج المستعمل ، لا الله تعالى.
الثّالث : أنّ غير المتناهي هو المعنى الجزئي ، وأمّا الكليّات من الجواهر والأعراض والمادّيّات والمجرّدات ، وغيرها ، فهي كالألفاظ متناهية ، فيوضع اللّفظ بإزاء الكليّات.
الرّابع : أنّ المحذور المذكور إنّما يلزم ، لو كان اللّفظ موضوعا بإزاء جميع المعاني ، وكان استعماله فيها على وجه الحقيقة ، وإلّا فباب المجاز واسع ، فلا منع من كون اللّفظ مستعملا في معنى واحد على وجه الحقيقة ، وفي غيره من المعاني الأخر على وجه المجاز. (١)
هذا ، ولكن هذه الأجوبة وإن لا تخلو عن المتانة ، إلّا أنّ المستفاد من كلامه قدسسره هو أنّه سلّم تناهي الألفاظ ، وهذا غير صحيح ؛ وذلك ، لأنّ موادّ الألفاظ وإن كانت متناهية بالغة إلى الثّمانية والعشرين حرفا ، إلّا أنّ الألفاظ والهيئات الحاصلة منها غير متناهية ، وعليه ، فالأولى في الجواب أن يقال : إنّ المعاني كما أنّها غير متناهية ، فكذلك الألفاظ ، فلا حاجة إلى القول بلزوم الاشتراك.
وكيف كان ، لا ريب : أنّ الاشتراك واقع في لغات العرب ، والكتاب والسّنة ، نظير كلمة : «النّون» المشتركة بين الدّوات والحوت و : «النّجم» المشتركة بين النّبات والكوكب ، و : «الجون» و : «القرء» و : «العين» و : «ما» الموصولة والنافية وهمزة النداء والاستفهام وغير ذلك.
__________________
(١) راجع ، كفاية الاصول : ج ١ ، ص ٥٣ و ٥٤.