مجتمعا في التّعهّد ، ممنوعة ؛ ضرورة ، أنّ المناقضة إنّما تلزم لو كان التّعهّد الأوّل «بشرط لا» ، بخلاف ما إذا كان «لا بشرط» كما هو الحقّ ؛ إذ لا دليل على كون معنى التّعهّد هو الانحصار والبشرط اللّائيّة ، كيف! وأنّه لا مانع عقلا عن تعهّدات عديدة بالنّسبة إلى لفظ واحد من الواضع الواحد ، كما في الأعلام الشّخصيّة المشتركة ، فإذا لا يلزم نقض التّعهّد الثّاني للأوّل ، وهكذا حال الثّاني والثّالث.
وثالثا : لو سلّم لزوم النّقض ، فهو إنّما يتمّ لو كان الاشتراك من ناحية واضع واحد ، وأمّا إذا كان من الواضعين ، فلا يلزم فيه محذور النّقض ؛ إذ عرفت : أنّه لا مانع عقلا عن تعهّدات متشتّتة بالنّسبة إلى لفظ واحد من الواضع الواحد ، فضلا عن الواضعين.
وأمّا القول الثّالث : فقد استدلّ عليه ، بأنّ المعاني غير متناهية والألفاظ المركّبة متناهية ، فلا بدّ من الاشتراك فيها حتّى لا يبقى معنى بلا لفظ دالّ عليه. (١)
ولكن أجاب المحقّق الخراساني قدسسره عنه بوجوه أربعة :
الأوّل : لو سلّم عدم تناهي المعاني كان مقتضاه امتناع الاشتراك في الألفاظ ، لا وجوبه ؛ إذ الاشتراك حينئذ يستلزم أوضاعا كثيرة غير متناهية.
ومن المعلوم : أنّ صدورها من الواضع الممكن الّذي هو المتناهي ، سواء كان متعدّدا أو واحدا ، محال.
وعليه : لا إمكان للوضع ، فضلا عن الوجوب.
الثّاني : لو سلّم إمكان الوضع في الفرض بأن كان الواضع هو الواجب الّذي
__________________
(١) راجع ، كفاية الاصول : ج ١ ، ص ٥٣.