كلام صاحب المعالم قدسسره (١) وكذا المحقّق الخراساني قدسسره (٢) أنّ النّزاع إنّما هو فيما إذا استعمل لفظ واحد ـ سواء كان مفردا أو مثنّى أو جمعا ـ في معنيين مستقلّين ، بلا فرق بين المعنى الحقيقي أو المجازي ، أو الكنائي ، على وجه يحسب الاستعمال الواحد بمنزلة الاستعمالين ، ويراد كلّ واحد من المعنيين مستقلّا ، فيخرج حينئذ عن مورد النّزاع ما إذا استعمل اللّفظ الواحد في مجموع المعنيين بنحو العموم المجموعي ، أو استعمل في معنى واحد منطبق على كلّ واحد من المعنيين على سبيل العموم البدلي ، أو استعمل في معنى واحد عامّ على وجه العموم الاستيعابي ، وهذا هو الواضح.
والإنصاف : أنّ هذا البيان ، في تحرير محلّ النّزاع ، تامّ.
إذا عرفت ذلك ، فنقول : الحقّ جواز الاستعمال عقلا ، وكذا لغة ووضعا ، بمعنى : عدم كون الاستعمال المفروض غلطا حسب الوضع اللّغوي وموازين المحاورة العربيّة.
ويظهر وجه ذلك ممّا نذكره في ردّ ما استدلّ على القول بالامتناع عقلا ولغة.
أمّا القول بالامتناع العقليّ ، فقد استدلّ عليه بوجوه :
منها : ما عن المحقّق الخراساني قدسسره من : «أنّ حقيقة الاستعمال ليس مجرّد جعل اللّفظ علامة لإرادة المعنى ، بل جعله وجها وعنوانا له ، بل بوجه نفسه ، كأنّه الملقى ؛ ولذا يسري إليه قبحه وحسنه ، كما لا يخفى ، ولا يكاد يمكن جعل اللّفظ كذلك ، إلّا
__________________
(١) راجع ، معالم الدّين : ص ٣١.
(٢) راجع ، كفاية الاصول : ج ١ ، ص ٥٤ ، حيث قال : «إنّه قد اختلفوا في جواز استعمال اللّفظ في أكثر من معنى واحد على سبيل الانفراد والاستقلال ، بأن يراد منه كلّ واحد ، كما إذا لم يستعمل إلّا فيه».