باب البرهان ـ كالإنسان والحجر والماء ونحوها ، فالحقّ أنّها خارجة عن حريم النّزاع.
وهذا ممّا اتّفق عليه الأصحاب ولا كلام فيه (١) ، إنّما الكلام في وجه الخروج ، فقال المحقّق النّائيني قدسسره في وجهه ، ما هذا لفظه : «أنّ شيئيّة الشّيء بصورته لا بمادّته ، فإذا فرضنا تبدّل الإنسان بالتّراب ، فما هو ملاك الإنسانيّة هي الصّورة النّوعيّة وقد زالت ، وأمّا المادّة المشتركة الباقية الّتي هي القوّة الصّرفة لإفاضة الصّور ، فهي غير متّصفة بالإنسانيّة في حال من الأحوال ... وهذا بخلاف المشتقّات العرضيّة ، كضارب مثلا ، فإنّه محمول على نفس الذّات وهو المتّصف بالضّرب ، فإذا انتفى عنه الضّرب ، فقد بقي ذات المتّصف حقيقة وإن زال الاتّصاف». (٢)
وفيه : أوّلا : أنّ البحث ـ على ما عرفت آنفا ـ لغويّ لفظيّ ، لا فلسفيّ عقلي ، فإذا لا مانع من أن يضع الواضع لفظ الإنسان ـ مثلا ـ للأعمّ ، مع أنّ زمام الوضع كان بيده.
وثانيا : أنّ زوال المبدا في الفرض لا يوجب زوال الصّورة النّوعيّة مطلقا ، بل تبقى بعد زواله في بعض الموارد ، كمورد تبدّل الخمر خلّا ، فهذان لا يكونان حقيقتين مختلفتين بالفصل ، بل إنّما يتفارقان في الآثار والأعراض ـ كما هو الحال في الماء والجمد ، فإنّهما مختلفان ، لا ذاتا وجوهرا ، بل بالتّخلخل والتّكاثف.
وثالثا : أنّ النّزاع لو كان عقليّا لم يعقل أن يصدق المشتقّ على من انقضى عنه
__________________
(١) راجع ، مناهج الوصول : ج ١ ، ص ١٨٩ ؛ وفوائد الاصول : ج ١ ، ص ٨٣ ؛ وأجود التّقريرات : ج ١ ، ص ٥٣.
(٢) أجود التّقريرات : ج ١ ، ص ٥٣.