الماضي على تحقّق المبدا في الزّمن الماضي ، ودلالة المضارع على تحقّقه في الزّمن المستقبل أو الحال ، وبدلالة صيغة الأمر على الطّلب في الحال وهكذا.
ولكنّ الحقّ عدم الدّلالة ، وعدم كون الزّمان جزءا من معنى الأفعال ؛ لأنّ الفعل مركّب من المادّة والهيئة ؛ والمادّة لا تدلّ إلّا على صرف الجنس ومحض الطّبيعة المهملة المجرّدة من أيّة خصوصيّة ، فضلا عن مثل الزّمان ، وهذا واضح عند من له أدنى مسكة.
والهيئة ، لا يكون مفادها إلّا نسبة المادّة إلى الذّات على أنحاءها تحقّقيّة كانت أو تعقبيّة أو غيرهما ، وعليه ، فلا دلالة لها على مثل الزّمان أصلا.
وبعبارة اخرى ، مادّة الفعل تدلّ على مجرّد الطّبيعة ونفس الحدث اللّابشرط ، وهيئته تدلّ على نسبة الحدث إلى الذّات وتلبّس الذّات به بأنحائه ، فأين الأمر الثّالث حتّى يدلّ على الزّمان ، ألا ترى ، إسناد الفعل إلى نفس الزّمان الّذي لا زمان له ، وإلى المجرّدات عن الموادّ والعاريات عن القوّة والاستعداد الّتي لا زمان لها قطعا ، مع أنّ هذا الإسناد حقيقيّ وإسناد إلى ما هو له ، وواضح ، أنّه لو كان الزّمان جزءا من معنى الأفعال ، لزم القول بالمجاز والتّجريد في هذين الإسنادين ، ولم يقل به أحد.
وهكذا حال إسناد الأفعال إلى خالق المكان والزّمان والمادّيات والمجرّدات الّذي أيّن الأين ، فلا أين له ، وزمّن الزّمن فلا زمن له ، وكيّف الكيف ، فلا كيف له ، وكمّم الكمّ ، فلا كمّ له وهكذا.
ونتيجة ذلك كلّه ، هو أنّ الزّمان لم يؤخذ في معنى الأفعال ولا دخل له فيه أصلا ، لا شطرا ولا شرطا.