«أكرم العالم أو العادل» أو «صلّ خلف العادل» أو «قلّد المجتهد» ونحو ذلك ، فالحكم في أمثال هذه القضايا يدور مدار الوصف العنواني حدوثا وبقاء ، بحيث يكون حدوثه علّة محدثة ، وبقاءه علّة مبقية.
الثّالث : أن تؤخذ في الموضوعات لأجل دخلها في الحكم حدوثا فقط ، بلا دخل له في البقاء ، كحدوث الزّنا أو السّرقة أو شرب الخمر أو نحوها ، حيث يكون علّة لحدوث حكم الجلد ، أو القطع وبقاءه.
إذا عرفت هذا ، فنقول : إنّ ظاهر عنوان «الظّالم» هو أنّه من قبيل الثّالث ، فيكون التّلبّس به آناً ما ، كافيا لعدم اللّياقة لتصدّي منصب الإمامة والخلافة الّذي له خصوصيّة من بين المناصب الإلهيّة ؛ ولذا قال الله تعالى : (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً)(١).
ولقد أجاد سيدنا الاستاذ العلّامة الطّباطبائى قدسسره فيما أفاده في ذيل الآية ، حيث قال : «ويستنتج من هنا أمران : أحدهما : أنّ الإمام يجب أن يكون معصوما عن الضّلال والمعصية ... الثّاني : عكس الأمر الأوّل وهو أنّ من ليس بمعصوم ، فلا يكون إماما هاديا إلى الحقّ البتّة.
وبهذا البيان يظهر أنّ المراد بالظّالمين في قوله تعالى : (قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) مطلق من صدر عنه ظلم ما من شرك أو معصية وإن كان منه في برهة من عمره ثمّ تاب وصلح». (٢)
__________________
(١) سورة البقرة (٢) : الآية ١٢٤.
(٢) الميزان في تفسير القرآن : ج ١ ، ص ٢٧٤.