ولا يخفى : أنّ وجه الاختصاص هو أنّ الجامد لا يشتمل إلّا على خصوص المادّة ، بخلاف المشتقّ ، فإنّه مشتمل على المادّة والهيئة معا ، وحيث إنّ لكلّ منهما وضعا وموضوعا له على حدة يقع فيه نزاع التّركيب والبساطة.
إذا عرفت ذلك ، فاعلم ، أنّ الأقسام المتصوّرة في بساطة المشتقّ وتركّبه ثلاثة :
أحدها : أنّه مركّب تفصيلا ، سواء كان تركيبه من الذّات والحدث والنّسبة ، أو الحدث والنّسبة ، أو الحدث والذّات.
ثانيها : أنّه مركّب انحلالا وبسيط تصوّرا وإدراكا.
ثالثها : أنّه بسيط محضا ، بمعنى : عدم قبوله التّركيب ولو انحلالا.
أمّا الأوّل : فمنشأ تصويره هو أنّ المشتقّ حيث يكون مركّبا من المادّة والصّورة ، فوزانه وزان المضاف والمضاف إليه ، كقولنا : «غلام زيد» فكما أنّ التّركيب فيه تفصيليّ ، بمعنى : أن له لفظين موضوعين لمعنى مستقل ، كذلك المقام.
والظّاهر ، أنّ هذا القسم لا قائل له ، كيف ، وأنّ مقتضاه هو الالتزام بأن يكون مفاد المشتقّ ، كالعالم ، ثلاثة أشياء مفصّلات وهي الذّات والانتساب إلى فاعل ما والحدث ، أو الاثنين وهما الحدث والنّسبة ، أو الحدث والذّات.
وأنت ترى ، أنّ الالتزام به بعيد غايته ؛ لشهادة الوجدان على خلافه.
أمّا الثّاني : فمنشأ تصويره هو أنّ المشتقّ بحسب المفهوم شيء واحد بلا استقلال للمادّة والصّورة ، لا في اللّفظ ولا في الدّلالة ، ولا في المعنى ، إلّا أنّه قابل للانحلال إلى شيئين ومتجزّئ بجزءين وهما الذّات والمبدا بنظرة ثانية وبحسب التّعمّل والتّحليل.