لا يقال : إنّ الجسم ـ أيضا ـ ينحلّ إلى أمرين ـ بناء على مسلك المشّاء ـ وهما المادّة والصّورة ، فلا فرق حينئذ بين الجامد والمشتقّ.
لأنّه يقال : إنّما يصحّ ذلك بحسب التّكوين وذات الجسم ، لا بحسب دلالة لفظ الجسم ، وبمقتضى مدلوله ومعناه ، كما في المشتقّ. (١)
أمّا الثّالث : فمنشأ تصويره هو أنّ المبدا والمشتقّ يفترقان اعتبارا وهو اللّابشرطية والبشرط اللّائيّة ـ كما سيأتي تحقيقه ـ ويتّحدان معنى ومفهوما ، فلم توضع الهيئة في المشتقّ لإفادة المعنى غير ما في المبدا ، بل إنّما هي توضع لإفادة إمكان الحمل ؛ وذلك ، لأنّ المبدا حسب الفرض لا يمكن حمله على الذّات.
ونتيجة هذا ، هو أنّ مفهوم المشتقّ بسيط محض بلا تركيب وانحلال فيه أصلا ، لا في افق الدّلالة ، ولا في صقع المفهوم والمدلول ، لا بدءا ولا تعمّلا ، كما أنّ مفهوم المبدا يكون كذلك.
وهذا ما ذهب إليه المحقّق النّائينى قدسسره. (٢)
توضيح ذلك : أنّ الوضع لا يكون إلّا لخصوص المادّة الموضوعة لنفس الحدث ومحض الجنس والطّبيعة المأخوذة بنحو بشرط لا ؛ ولذا تأبى عن الحمل ، ولا يقال : «زيد عدل» إلّا على سبيل التّجوّز والمبالغة أو بتأويل أو تقدير.
وأمّا الصّورة فلم توضع لشيء ، فلا شأن له إلّا بقلب المادّة من «البشرطلا» وعدم قبول الحمل إلى «اللّابشرط» القابل للحمل ، وهذا نظير ما قيل : في المصدر من أنّ مفاد مادّته هو نفس الطّبيعة ومحض الحدث ومجرّد الماهيّة ولا وضع لصورته
__________________
(١) راجع ، مناهج الوصول : ج ١ ، ص ٢٢٢.
(٢) راجع ، محاضرات في الاصول : ج ١ ، ص ٢٨١.