عليه عنوان الجامع للمعنيين ، وهذا كما ترى ؛ إذ لازم ذلك عدم قبول «الأمر» للاشتقاق ، على أنّه ليس بين المعاني الاسميّة معنى ثالث ، لا حدثيّ ولا جامديّ : إذ المعنى الاسمي لا يخلو منهما ، كما هو واضح.
ثالثها : ما هو التّحقيق ، من عدم الوضع لمادّة الأمر اللّامتحصّلة والخالية عن جميع الصّور والهيئات.
وإن شئت فقل : إنّ المادّة ليس إلّا عدّة حروف فقط ، بلا تحصّل وفعليّة لها ، وبلا كونها في ضمن أيّة صورة وهيئة ، فلا وضع لها أصلا ولا معنى لها رأسا ، اسميّا كان أو غير اسمي ، حدثيّا كان أو غير حدثيّ ، وإنّما توضع بإزاء معنى من المعاني بعد ما وردت عليها صورة من الصّور الاسميّة أو الفعليّة ، وهذه المادّة الخالية عن الصّورة والعارية عن المعني ، هي مبدأ الاشتقاق ، على ما مرّت الإشارة إليه.
وأمّا لفظ : «الأمر» باعتبار الهيئة فهو مشترك لفظي بين معنى حدثيّ مصدريّ وهو الطّلب ، وبين معنى آخر اسميّ جامد ، وهو غيره من سائر المعاني.
ويدلّ على هذا الاشتراك أمران :
أحدهما : أنّ لفظ : «الأمر» يجمع تارة على «أوامر» ، واخرى على «امور».
ثانيهما : أنّه قابل للتّصريف وعدمه.
هذا كلّه في المقام الأوّل (كيفيّة وضع مادّة الأمر).
أمّا المقام الثّاني (اعتبار العلوّ في المادّة وعدمه).
فالظّاهر ، اعتبار العلوّ والاستعلاء في مادّة الأمر ، فالبعث الصّادر من العالي المستعلي «أمر» ، كما أنّ الصّادر من الدّاني «استدعاء» ومن المساوي «التماس» ، فلا يسمّي بعثهما «أمرا» ، كما لا يسمّي طلب المولى لعبيده بنحو الاستدعاء أو الالتماس