وغيرهما ، وإنّما الفرق بينهما هو أنّ البعث والإغراء بالإشارة أو بالجوارح والأعضاء أمر تكوينيّ فيوجد بها قهرا تكوينا ، وأمّا البعث والإغراء بهيئة الأمر ، فاعتباريّ يوجد في حوزة اعتبار الشّارع وحيطة المولويّة ودائرة العبوديّة.
ومن هنا ظهر أنّ ما ذهب إليه العلّامة الحائري قدسسره من أنّ اللّفظ كيف يعقل أن يصير موجدا (١) ، ممنوع ؛ إذ هذا إنّما يتمّ لو كان المراد ممّا يوجد باللّفظ أمرا تكوينيّا وليس كذلك ، بل يكون ما يوجد به أمرا اعتباريّا عقلائيّا ، فوزان ما يوجد بالأمر من البعث والإغراء ، وزان ما يوجد بحروف القسم ، أو بألفاظ العقود والإيقاعات من البيع والنّكاح والطّلاق وغيرها.
ولك أن تقول : إنّ وزان البعث الاعتباريّ ، وزان الملكيّة ، أو الزّوجيّة الاعتباريّة أو نحوهما.
وعليه ، فما عن المحقّق الخراساني قدسسره من أنّ معنى صيغة الأمر هو الطّلب ، سواء أنشأ بصيغة افعل أو بمادّة الطّلب أو بمادّة الأمر أو بغيرها (٢) ، غير وجيه ؛ إذ الطّلب ، إمّا حقيقيّ أو إيقاعيّ.
أمّا الطّلب الحقيقي القائم بنفس الطّالب المتّحد مع الإرادة الحقيقيّة على مذهبه ومذهب بعض تلامذته (٣) ، فهو غير قابل للإنشاء بالصّيغة ، ونحوها ؛ لكونه أمرا تكوينيّا له مباد وعلل خاصّة تكوينيّة من تصوّر الشّيء المطلوب وتصوّر ما فيه من
__________________
(١) درر الفوائد : ج ١ ، ص ٧١ ، حيث قال : «وأمّا الإنشائيّات فكون الألفاظ فيها علّة لتحقّق معانيها ممّا لا أفهم له معنى محصّلا ؛ ضرورة ، عدم كون تلك العلّيّة من ذاتيّات اللّفظ ، وما ليس علّة ذاتا لا يمكن جعله علّة».
(٢) راجع ، كفاية الاصول : ج ١ ، ص ٩٣.
(٣) وهو المحقّق العراقي قدسسره على ما نقل عنه مقرّرة في نهاية الأفكار : ج ١ ، ص ١٧٣.