توضيح ذلك : أنّ الغرض من البعث على أنحاء :
منها : أن يكون الغرض مجرّد تحقّق الشّيء وصرف وجوده بأيّ وجه كان وكيفما اتّفق حصوله ، إراديّا كان أو غيره ، اختياريّا كان أو غيره ، عن علم كان أو عن جهل ، عن عمد كان أو عن سهو ، إلى غير ذلك من الأنحاء ، حتّى ولو لم يقصد عنوانه ، فضلا عن القربة والعبوديّة ، كغسل الثّوب والبدن النّجسين ، وكستر العورة وتحصيل النّظافة ونحوها.
ومنها : أن يكون الغرض مجرّد تحقّقه وصرف وجوده من دون اشتراط قصد القربة ودعوة الامتثال ، لكن يشترط فيه قصد العنوان وصدوره عن علم واختيار وإلّا لم يترتّب عليه الأثر ، نظير البيع والاجارة والنّكاح وردّ السّلام ونحوها من العناوين القصديّة الواجبة أو المندوبة ، وهذان القسمان يسمّيان بالتّوصّلي.
ومنها : أن يكون الغرض تحقّقه على وجه خاصّ ، وهو إتيانه بقصد القربة وداعويّة التّقرّب والزّلفى لدى ربّ العزّة والرّحمة ، مع انطباق عنوان التّعبّد والعبوديّة عليه ، بحيث يكون معنونا بعنوان العبادة ، كالصّلاة والصّوم والحجّ والاعتكاف ونحوها من العبادات ، واجبة كانت ، أو مندوبة ، وهذا القسم يسمّى بالتّعبّدي ، فلا يسقط أمره إلّا بقصد القربة وداعويّة التّقرّب مع أنّه معنون بعنوان العبادة.
ومنها : أن يكون الغرض تحقّقه على وجه خاصّ ـ أيضا ـ إلّا أنّه لا يصدق عليه عنوان التّعبد ، ولا يكون معنونا بعنوان العبادة ، كالخمس والزّكاة ونحوهما من الأعمال القربيّة الّتي لا يحصل الغرض المتوقّع منها ، ولا يسقط الأمر بها إلّا مع إتيانها بقصد القربة ، وهذا القسم وإن كان فعلا قربيّا ، لكن لا يكون من العبادات.