وعليه ، فالنّسبة بين العمل التّعبدي والعمل القربي ، عموم وخصوص مطلق ، حيث إنّ كلّ عمل عبادي يكون قربيّا ، ولكن بعض العمل القربي ليس بعباديّ ، كما علمت آنفا.
ولقد أجاد الإمام الرّاحل قدسسره فيما أفاده في المقام ، حيث قال : «... ضرورة ، أنّ كلّ فعل قربيّ لا ينطبق عليه عنوان العبوديّة ، ألا ترى ، أنّه لو أطاع أحد والديه أو السّلطان بقصد التّقرب إليهم ، لا تكون اطاعته عبادة لهم ، فستر العورة والاستبراء بقصد الأمر والتّقرب إلى الله ، ليس عبوديّة له بل إطاعة لأمره». (١)
الجهة الثّانية : أنّه هل يمكن أخذ قصد القربة وامتثال الأمر في متعلّقه شرعا أم لا؟
هنا أقوال ثلاثة : الأوّل : امتناع أخذ قصد القربة ذاتيّا ، فيكون التّكليف نفسه محالا.
الثّاني : امتناعه غيريّا ، فنفس التّكليف على هذا وان لم يكن محالا ، إلّا أنّه تكليف بالمحال وغير المقدور.
الثّالث : إمكانه بلا امتناع فيه أصلا ، لا ذاتيّا ولا غيريّا.
أمّا القول الأوّل : فقد استدلّ عليه بوجوه :
أحدها : ما عن بعض من أنّ أخذ قصد الأمر في متعلّقه شطرا أو شرطا ، مستلزم لتقدّم الشّيء على نفسه ، أو تأخّره عنه بمرتبتين. (٢)
__________________
(١) مناهج الوصول إلى علم الاصول : ج ١ ، ص ٢٥١.
(٢) راجع ، مناهج الوصول إلى علم الاصول : ج ١ ، ص ٢٦٠.