أو فقل : إنّ العقل إنّما يحكم بلزوم تحصيل الغرض إذا أدرك استحقاق العقاب على ترك تحصيله ، ومن المعلوم ، أنّ هذا الحكم والإدراك لا يكون إلّا في موارد قيام الحجّة والبيان ، وإلّا لكان العقاب بلا بيان والمؤاخذة بلا برهان.
ونتيجة ذلك كلّه ، أنّه لا مانع من إجراء البراءة العقليّة والنّقلية في موارد الشّكّ في الغرض وعدم قيام الحجّة عليه ، كما لا مانع منه في موارد الشّكّ في التّكليف.
إن قلت : إنّ مقتضى ارتباطيّة الأقلّ والأكثر في المركّبات الاعتباريّة ، كالصّلاة ، عدم إمكان التّفكيك بين الأجزاء حسب الحكم ثبوتا وسقوطا ، وعليه ، فلا يعقل وجوب بعض الأجزاء دون بعض ، ولا عدم وجوب بعض دون بعض ، بل لا بدّ من وجوب الكلّ أو عدم وجوبه ؛ وذلك ، لكون التّكليف المتعلّق به واحدا ، ولذا كان ارتباطيا.
قلت : هذا إنّما يتمّ حسب الواقع ومقام الثّبوت ، وأمّا حسب مقام الإثبات ومرحلة التّنجيز المتفرّع على وصول التّكليف وانكشافه بالحجّة الكاشفة ، فلا محذور في التّكليف المشار إليه ، والمفروض ، أنّ في مثل المقام تنجّز التّكليف بالنّسبة إلى عدّة من الأجزاء ، لأجل وصوله إلينا ، وأمّا بالنّسبة إلى غيرها ، فلم تتنجّز لعدم وصوله إلينا ، فلا مؤاخذة ولا عقاب على تركه ولو كان من الأجزاء في الواقع ؛ وذلك ، لانّ المؤاخذة على تركه حينئذ يكون بلا برهان والعقاب عليه يكون بلا بيان.
ثمّ إنّه قد يقرّب الاشتغال في المقام ، بما محصّله : إنّ الشّكّ تارة يكون في نفس المأمور به شطرا أو شرطا ، فتجرى فيه البراءة ، واخرى في المحصّل له ، فيجري فيه الاشتغال ، والمقام من هذا القبيل ، نظير باب الأمر بالطّهارات الثّلاث ، بناء على كون الوضوء ـ مثلا ـ هي الطّهارة الحاصلة من الغسلات والمسحات لانفسهما ، فكما أنّ في