مبحث مقتضى الأصل عند الشّكّ في نفسيّة الواجب وغيريّته هناك (١) ولهذا يرد عليه بأنّ تعرّضه هنا (٢) ـ أيضا ـ تكرار بلا طائل.
وكيف كان ، فالكلام هنا يقع تارة فيما يقتضيه الأصل اللّفظي ، واخرى فيما يقتضيه الأصل العملي.
أمّا الأصل اللّفظي ، فينبغي قبل الورود فيه ، الإشارة إجمالا إلى تعريف كلّ واحد من الواجب النّفسي والغيري ، وسيأتي تفصيل ذلك في مبحث تقسيمات الواجب.
أمّا الواجب النّفسي ، فيقال في تعريفه : أنّه الواجب الّذي تعلّق به الوجوب لنفسه وقامت مصلحته بنفسه.
وأمّا الواجب الغيري ، فيقال في تعريفه : أنّه الواجب الّذي تعلّق به الوجوب للتّوصّل إلى واجب آخر ، كالواجبات المقدّميّة.
أو يقال : إنّ الواجب النّفسي هو ما يكون وجوبه مطلقا غير مقيّد بوجوب واجب نفسي آخر ، بخلاف الواجب الغيري ، فإنّ وجوبه مقيّد مشروط بوجوب آخر نفسي ، كما أنّ المادّة وهي الواجب مقيّدة مشروطة بأمر آخر.
إذا عرفت ذلك ، فاعلم ، أنّه لا ريب في أنّ مقتضى الأصل اللّفظي وهو إطلاق الدّليل وعدم تقييده بما إذا وجب شيء آخر نفسي ، هو كون الواجب نفسيّا عند الشّكّ المذكور ؛ ضرورة ، أنّ الواجب الغيري ، حيث كان قيدا وشرطا للواجب النّفسي ، يحتاج بيانه إلى مئونة زائدة والإطلاق يدفعه وينفيه ، ونتيجة ذلك هو
__________________
(١) راجع ، كفاية الاصول : ج ١ ، ص ١٧٠ و ١٧١.
(٢) راجع ، كفاية الاصول : ج ١ ، ص ١١٦.