هذا الأمر ثانيا ، مستلزم لعدم حصول الغرض بالامتثال أوّلا ، وهذا خلاف ما فرض من حصول الغرض بالامتثال الأوّل.
لا يقال : إنّ الامتثال ثانيا إنّما هو بداعي أمر آخر غير الأمر الأوّل.
لأنّه يقال : هذا ـ أيضا ـ خلاف ما هو المفروض في المقام من عدم أمر آخر في البين.
وثانيا : أنّه لو لم يكن الامتثال الأوّل مسقطا للأمر ، وافيا بالغرض ، لم يكن الثّاني ـ أيضا ـ كذلك ؛ لوحدة حكم الأمثال فيما يجوز وفيما لا يجوز.
وثالثا : أنّه لو لم يسقط الأمر ولم يحصل الغرض بالامتثال الأوّل ، لما كان لجواز الامتثال ثانيا ومرّة اخرى معنى ؛ ضرورة ، أنّه بعد فرض بقاء الأمر الأوّل وعدم حصول الغرض به صار كالعدم ، فيكون الثّاني امتثالا ابتداء.
والحاصل : أنّ الأمر الواحد ، له امتثال واحد ، فإن سقط الأمر به لحصول الغرض ، فهو ، وإلّا وجب امتثاله ثانيا ؛ لدوران الأمر مدار الغرض حدوثا وبقاء ، فكما أنّ حدوثه موجب لحدوث الأمر ، كذلك بقاءه موجب لبقائه ، فلا معنى للامتثال بعد الامتثال.
وبعبارة اخرى : أنّ الامتثال الأوّل لو كان صحيحا ، فالثّاني لغو ، فلا يعدّ امتثالا ثانيا بعد امتثال ، وأمّا لو كان باطلا غير واف للغرض ، لكان الثّاني الوافي للغرض ، امتثالا فقط ، لا امتثالا ثانيا بعد امتثال ، والظّاهر ، أنّ في كلام المحقّق الخراساني قدسسره خلطا بين الغرضين : الأوّل : ما يكون مترتّبا على وجود المأمور به من دون دخل شيء آخر فيه.
الثّاني : ما يكون مترتّبا على فعل الآمر.