أمّا الأوّل : فهو حاصل في المثال المذكور في كلامه قدسسره حيث إنّ الغرض فيه ليس إلّا تمكين المولى من الشّرب والتّوضي ، والمفروض حصوله بإتيان الماء.
وأمّا الثّاني : فهو وإن لم يكن حاصلا ، حيث إنّ غرض الآمر في المثال منحصر برفع العطش والوضوء وهما متوقّفان على شربه وتوضّيه ، والمفروض ، أنّه لم يفعلها ، إلّا أنّه غرض آخر زائد على الإتيان بالمأمور به ، وليس العبد مأمورا إلّا بتحصيل الغرض المترتّب على وجود المأمور به ، وهو تمكين المولى من الشّرب والوضوء ، لا أنّه مأمور بتحصيل رفع عطشه أو وضوءه ؛ إذ هما خارجان عن تحت اختيار العبد.
ثمّ إنّه قد يتوهّم (١) ، أنّه يجوز الامتثال بعد الامتثال في موردين :
أحدهما : في صلاة الآيات ، حيث إنّه ورد أنّ من صلّى الآيات ، فله أن يعيد صلاته ما دامت الآية باقية ، كصحيحة معاوية بن عمّار ، قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : «صلاة الكسوف إذا فرغت قبل أن ينجلي ، فأعد». (٢)
ثانيهما : في الصّلوات اليوميّة ، حيث إنّه ورد أنّ من صلّى ، فرادى فأقيمت الجماعة ، فله أن يعيدها ، كما ورد عن عمّار ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام : «عن الرّجل يصلّي الفريضة ، ثمّ يجد قوما يصلّون جماعة ، أيجوز له أن يعيد الصّلاة معهم؟ قال :
نعم ، وهو أفضل ، قلت : فإن لم يفعل؟ قال : ليس به بأس». (٣)
__________________
(١) راجع ، محاضرات في الاصول : ج ٢ ، ص ٢١٠.
(٢) وسائل الشّيعة : ج ٥ ، كتاب الصّلاة ، الباب ٨ من أبواب الصّلاة الكسوف والآيات ، الحديث ١ ، ص ١٥٣.
(٣) وسائل الشّيعة : ج ٥ ، كتاب الصّلاة ، الباب ٥٤ من أبواب صلاة الجماعة ، الحديث ٩ ، ص ٤٥٦.