البعث ، وأنّ مادّته وضعت لمجرّد الطّبيعة لا بشرط ، وحينئذ ليس الإجزاء عين مدلول الهيئة والمادّة ولا جزءه.
أمّا الالتزام ، فلعدم اللّزوم بين مدلول الأمر هيئة ومادّة ، وبين الإجزاء ، لا عقلا ولا عرفا ، كما لا يخفى.
وأمّا إرجاع الثّاني إلى علّيّة الإتيان ، ففيه : أنّ هذا إنّما يصحّ في فرض إجزاء الإتيان بالمأمور به بالأمر الواقعي ، أو الظّاهري ، أو الاضطراري عن نفسه ، فيكون البحث على هذا عقليّا ؛ ضرورة ، أنّ الدّليل على هذا الاجزاء عقليّ.
وأمّا إذا فرض إجزاء المأتي به بالأمر الظّاهري أو الاضطراري ، عن الواقعي أو الاختياري ، فيرجع البحث إلى مقام دلالة الأوامر الظّاهريّة أو الاضطراريّة على الإجزاء بتنقيح موضوع الأوامر الاختياريّة والواقعيّة بنحو الحكومة والتّوسعة في المأمور به ، فيكون البحث على هذا ، لفظيّا.
ثمّ قال ، ولكن هذا خلاف ظاهرهم ، وقضيّة تنقيح الموضوع بالحكومة أمر أحدثه المتأخّرون ، فلا يجوز حمل كلام القوم عليه. (١)
الأمر الثّاني : لا يخفى عليك : الفرق بين هذه المسألة ، وبين مسألة التّكرار والمرّة ، حيث إنّ البحث في تلك المسألة بحث صغرويّ راجع إلى مفاد الخطاب وتعيين المطلوب بالأمر وتشخيص المأمور به ، بأنّه هل هو الدّفعة أو الدّفعات ، أو الفرد أو الأفراد ، بلا نظر إلى الإجزاء وعدمه؟ بخلاف البحث في مسألة الإجزاء ، فإنّه بحث كبرويّ ؛ إذ المطلوب منه هو أنّ الإتيان بالمأمور به أيّا كان ، هل يجزي ، أو لا؟
__________________
(١) راجع ، تهذيب الاصول : ج ١ ، ص ١٣٥ و ١٣٦ ؛ ومناهج الوصول : ج ١ ، ص ٢٩٨.