وإن شئت ، فقل : إنّ البحث في المرّة والتّكرار ، إنّما هو في تعيين مقدار المبعوث إليه ، بأنّه هل هو المرّة أو التّكرار؟ وأمّا البحث في الإجزاء ، إنّما هو بعد الفراغ عن ذلك ، حيث إنّه يبحث على القول بدلالة الأمر على المرّة ، بأنّ الاتيان به مرّة ، هل يجزى أو لا؟ وهكذا القول بدلالته على التّكرار.
وكذا لا يخفى عليك : الفرق بين مسألة الإجزاء ، وبين مسألة تبعيّة القضاء للأداء ، حيث إنّ الموضوع في تلك المسألة هو الفوت ، بخلاف مسألة الإجزاء ، فإنّ الموضوع فيها هو الإتيان ؛ وذلك ، لأنّ البحث عن الإجزاء بحث في أنّ الإتيان بالمأمور به ، هل يكون مجزيا عن الإعادة والقضاء ، أو لا؟ وأمّا البحث في التّبعيّة بحث في أنّه إذا فات المأمور به ، فهل الأمر المتعلّق بالطّبيعة الموقّتة يكفي في إيجاب القضاء أو يحتاج إلى أمر جديد؟
الأمر الثّالث : أنّ كلمة : «على وجهه» المأخوذة في عنوان المسألة ، هل يراد بها القيد الاحترازي ، أو القيد التّوضيحى؟
وجهان مبنيّان على اختلاف المباني في إمكان أخذ قصد القربة في المتعلّق وعدمه.
فعلى مسلك المختار ، من إمكان أخذه فيه ، سواء كان من الابتداء أو بمعونة الأمر الثّاني يكون القيد توضيحيّا ؛ إذ هو حينئذ لا يفيد أزيد من الإتيان بالمأمور به بتمام أجزاءه وشرائطه ، ولا يلزم من عدم هذا القيد خروج التّعبّديّات عن حريم النّزاع.
وأمّا على مسلك المحقّق الخراساني قدسسره (١) من عدم إمكان الأخذ ، يكون القيد احترازيّا ، إنّما جاء لإدراج الواجبات التّعبّديّة في حريم النّزاع.
__________________
(١) راجع ، كفاية الاصول : ج ١ ، ص ١٢٤.