عدم مانعيّته ، وإمّا على نفي كلّ واحد منها ، ثمّ بان الخلاف وظهر أنّه لم يكن كذلك واقعا.
إذا عرفت ذلك ، فنقول : قد وقع النّزاع هنا في أنّ مؤدّى الأمارة أو الأصل ، هل هو مجز عن الواقع بعد انكشاف الخلاف ، أم لا؟
ذهب المحقّق الخراساني قدسسره إلى التّفصيل بين مفاد الأمارة وبين مفاد الأصل ، والتزم بعدم الإجزاء في الأوّل والإجزاء في الثّاني (١) وهو الحقّ.
ولكن خالفه السّيّد البروجردي قدسسره فذهب إلى الإجزاء مطلقا ، وقال في وجه ذلك ما هذا لفظه : «فإنّ الدّليل الحاكم بوجوب الأخذ بخبر الثّقة الّذي قام على عدم جزئيّة شيء ، أو شرطيّته للصّلاة ، أو قام على تحقّق الجزء أو الشّرط ، يتبادر من هذا الدّليل أنّ المكلّف إذ اقتصر في امتثال الأمر الصّلاتي على ما اقتضاه ، ودلّ عليه خبر الثّقة ، فقد عمل وظيفته ، وصار عمله منطبقا لعنوان المأمور به ، وخرج بذلك من كونه تاركا للصّلاة ، ولازم ذلك هو الإجزاء.
وأمّا ما ذكره شيخنا الاستاذ المحقّق الخراساني قدسسره من الفرق بين مفاد الأصل والأمارة ، ففيه : أنّ الأمارات كخبر الواحد والبيّنة وأمثالهما وإن كانت بلسان حكاية الواقع ، ولكنّها بأنفسها ليست أحكاما ظاهريّة ، بل الحكم الظّاهري عبارة عن مفاد دليل حجيّة الأمارة الحاكمة بوجوب البناء عليها ولسان أدلّتها هي بعينها لسان أدلّة الاصول ...». (٢)
__________________
(١) راجع ، كفاية الاصول : ج ١ ، ص ١٣٣.
(٢) نهاية الاصول : ج ١ ، ص ١٣٢.