الأمر الثّالث : في أنّ الإطلاق والاشتراط أمران إضافيّان ، كما أفاد المحقّق الخراساني قدسسره (١) : وهما كالإطلاق والتّقييد في باب المطلق والمقيّد ، فوجوب الحجّ مطلق بالإضافة إلى الزّوال ، ومشروط بالإضافة إلى التّمكن والاستطاعة ، وهكذا وجوب الصّلاة ، فإنّه مطلق بالنّسبة إلى الطّهارة ، ومشروط بالنّسبة إلى الزّوال.
ولقد أجاد الإمام الرّاحل قدسسره فيما أفاده في المقام ، حيث قال : «يصحّ أن يقال : إنّ الواجب قد يكون بالنّسبة إلى قيد مشروطا ، وبالنّسبة إلى آخر مطلقا». (٢)
الأمر الرّابع : في رجوع القيود إلى الهيئة أو المادّة.
ولا يخفى : أنّ المهمّ في المقام هو البحث في أنّ القيود المأخوذة في الخطابات ، هل ترجع إلى نفس المادّة ، أو ترجع إلى مفاد الهيئة؟ فيه وجهان ، بل قولان :
الأوّل : هو المنسوب (٣) إلى الشّيخ الأنصاري قدسسره ، واختاره المحقّق النّائيني قدسسره. (٤)
والثّاني : هو المنسوب إلى المشهور (٥) واختاره المحقّق الخراساني قدسسره (٦) وهذا هو الحقّ.
ولا يخفى : أنّ هذا النّزاع إنّما هو في مقام الثّبوت ، وأمّا مقام الإثبات ، فقد اعترف الشّيخ الأنصاري قدسسره أنّ ظاهر القضيّة يقتضي رجوع القيود إلى مفاد الهيئة ،
__________________
(١) راجع ، كفاية الاصول : ج ١ ، ص ١٥١.
(٢) تهذيب الاصول : ج ١ ، ص ١٧٢.
(٣) راجع ، كفاية الاصول : ج ١ ، ص ١٥٢.
(٤) راجع ، أجود التّقريرات : ج ١ ، ص ١٣٠.
(٥) راجع ، كتاب بدائع الأفكار : ج ١ ، ص ٣٤٥ و ٣٤٦ ؛ ومناهج الوصول : ج ١ ، ص ٣٥٥.
(٦) راجع ، كفاية الاصول : ج ١ ، ص ١٥٢.