ولكن يمكن الجواب عنه بوجوه :
أحدها : ما عن المحقّق الخراساني قدسسره ، حاصله : إنّا نسلّم كون الإرادة مرتبة خاصّة من الشّوق وهو الشّوق المؤكّد الّذي من شأنه انبعاث القوّة العاملة المنبثّة في العضلات وتحريكها لها نحو المراد ، إلّا أنّه يمنع عن اعتبار التّحريك الفعلي في الإرادة ، بل يختلف الأمر بحاليّة المراد واستقباليّته وبكون المراد ذا مقدّمة أو مقدّمات خارجيّة وعدم كونه كذلك ، فإن كان المراد حاليّا ، فالإرادة توجب انبعاث القوّة العاملة وهي تحرّك العضلات نحو المراد حالا ، وإن كان استقباليّا ذا مقدّمات خارجيّة ، فإرادة الشّيء توجب الانبعاث والحركة نحو تلك المقدّمات حالا ، وإن كان استقباليّا بلا مقدّمات خارجيّة ، سوى مجيء وقته ، فلا توجب الإرادة حينئذ تحريكا نحو المراد مع كونها موجودة في النّفس.
وعليه ، فأخذ الوصف المذكور في تعريف الإرادة ، إنّما لبيان أنّ الإرادة مرتبة أكيدة من الشّوق ، تبعث على حركة العضلات نحو المراد في زمانه ، سواء كان حاليّا أو استقباليّا.
ثانيها : أنّ التّشريع لا يقاس بالتّكوين ، فالوجوب والإيجاب أمر اعتباريّ يتحقّق في عالم الاعتبار بأيّ وجه اعتبر ، سواء كان قبل الواجب أو مقارنا له ، مضافا إلى أنّ الانبعاث في الإرادة التّشريعيّة لا يكون من البعث ، بل يكون من علله ومباديه الخاصّة من التّصور والتّصديق وغيرهما ، فربّ بعث لا يكون بعده انبعاث.
ثالثها : أنّ مبدئيّة الشّوق للإرادة لا تكون دائميّة ، فقد يريد المولى أمرا للتّخويف والايعاد بلا أيّ شوق إليه ، بل مع كراهة شديدة ، وقد يريد يشرب دواء مرّا بلا أيّ حبّ وميل إليه ، وقد لا يريد ولا يشرب الماء البارد لجهة من الجهات مع