وجود عطش شديد وشوق أكيد إلى شربه.
رابعها : أنّ القول بأنّ الإرادة هو الشّوق المؤكّد أو المرتبة القصوى من الشّوق ، وأنّ الشّوق يصير إرادة شيئا فشيئا ، خلاف التّحقيق ، كما قرّر في محلّه ؛ حيث إنّ الشّوق هو انفعال النّفس بعد الجزم بالفائدة ، فتجد النّفس حينئذ ميلا وحبّا بالنّسبة إليه ، والإرادة تكون من صفات النّفس الفعّالة.
خامسها : أنّ الإرادة لا تستلزم تحريك العضلات دائما ؛ إذ الإرادة لكونها من الصّفات الحقيقيّة ذات الإضافة ، يكون تشخّصها بتشخّص المراد ، كتشخّص العلم بتشخّص المعلوم ، ولذا لو تعدّد المراد لتعدّدت الإرادة ، فلا يمكن تعلّق إرادة واحدة بشيئين مستقلّين ، كعدم تعلّق إرادتين بشيء واحد ، ففي الأفعال المباشريّة إرادتان ، كما يكون هناك مرادان : أحدهما : إيجاد المطلوب بالذّات ؛ ثانيهما : تحريك العضلات وهو المطلوب بالتّبع ، وعدم انفكاك الإرادة عن المراد يكون بالنّسبة إلى ما بالتّبع وهو تحريك العضلات ، وأمّا الإرادة بالنّسبة إلى ما بالذّات ، فتابعة لكيفيّة تعلّقها به ، إن كان فوريّا ، فتحصل إرادة اخرى لتحريك العضلات فورا ، وإن كان استقباليّا ، فلا إرادة لتحريك العضلات فعلا ، بل لو بقي إرادة المطلوب بالذّات إلى ذلك الوقت لتحدث إرادة اخرى لتحريكها ، فإرادة تحريك العضلات غير إرادة إيجاد المطلوب. (١)
فتحصّل ممّا ذكرناه : أنّه لا إشكال في إمكان الواجب المعلّق وجوازه ثبوتا.
وأمّا مقام الإثبات ، فهو تابع لدلالة الدّليل على وقوعه في الخارج ، فربّما يكشف ذلك من الأدلّة كشفا إنيّا ، نظير ما دلّ على وجوب الغسل ليلا في شهر رمضان وفي غيره ، فإنّه كاشف بطرق الإنّ عن سبق وجوب الواجب.
__________________
(١) راجع ، تهذيب الاصول : ج ١ ، ص ١٨٢ و ١٨٣.