المورد الثّاني : أنّ امتثال الواجب الغيري ، هل يترتّب عليه الثّواب مضافا إلى الثّواب المترتّب على الواجب النّفسي ، أم لا؟
ولا يخفى : أنّ النّزاع إنّما هو في استحقاق الثّواب بمعناه الثّاني وهو صيرورة العبد بالإطاعة أهلا ولائقا لدرك الثّواب ، دون الاستحقاق بالمعنى الأوّل وهو ثبوت الحقّ للمكلّف على الله تعالى وهو واضح ، فإذا نقول :
إنّ المسألة ذات أقوال ثلاثة :
الأوّل : هو القول بعدم ترتّب الثّواب على الواجب الغيري بحيث لو أتى المكلّف بالمقدّمة وذيها لاستحقّ ثوابا واحدا مترتّبا على ذي المقدّمة ، وهذا ممّا اختاره المحقّق الخراساني قدسسره (١) وتبعه المحقّق الاصفهاني قدسسره. (٢)
الثّاني : هو القول بترتّب الثّواب عليه إن كان الدّاعي لإتيانه هو التّوصّل إلى الإتيان بالواجب النّفسى ، فحينئذ لو أتى المكلّف بالمقدّمة وذيها ، لكان مستحقّا للثّوابين ، وقد ذهب إليه المحقّق النّائيني قدسسره (٣) والعراقي قدسسره (٤) وتبعهما بعض الأعاظم قدسسره (٥).
الثّالث : هو القول بالتّفصيل بين أن يكون الواجب الغيري أصليّا ، بمعنى : أنّه مدلول لخطاب مستقلّ ، كالطّهارة من الحدث ، فيترتّب الثّواب عليه ، وبين أن يكون
__________________
(١) راجع ، كفاية الاصول : ج ١ ، ص ١٧٥ الى ١٧٧.
(٢) راجع ، نهاية الدّراية : ج ١ ، ص ٣٣٤ و ٣٣٦.
(٣) راجع ، أجود التّقريرات : ج ١ ، ص ١٧٢.
(٤) راجع ، كتاب بدائع الأفكار : ج ١ ، ص ٣٧٥.
(٥) محاضرات في اصول الفقه : ج ٢ ، ص ٣٩٧.