تبعيّا ، بمعنى : أنّه غير مدلول لخطاب مستقلّ ، فلا يترتّب الثّواب عليه ، وهذا هو مختار المحقّق القمي قدسسره (١).
والحقّ هو القول الثّاني ؛ وذلك ، لأنّ المكلّف إذا أتى بالواجب الغيري قاصدا به لامتثال الواجب النّفسي والتّوصّل إليه ، فلا ريب في أنّ الواجب الغيري إذا يكون من مصاديق الإطاعة وإظهار العبوديّة فيترتّب عليه الثّواب بنفسه ، ونتيجته ، أنّه لو أتى بالمقدّمة بقصد التّوصّل ولم يكن متمكّنا من إتيان ذيها لكان مستحقّا للثّواب عليها ، كما أنّه لو كان متمكّنا من إتيان ذيها وأتى به لكان مستحقّا للثّوابين.
ومن هنا ظهر الجواب عمّا اورد على الطّهارات الثّلاث (الوضوء والغسل والتّيمّم) من أنّها واجبات غيريّة يتوقّف عليها واجب نفسي ، كالصّلاة وهي مع ذلك ممّا يترتّب الثّواب على فعلها بلا إشكال ، وهذا من الغرائب ؛ إذ الثّواب يدور مدار القرب ، كما أنّ العقاب يدور مدار البعد ، ومن المعلوم ، أنّ الواجب الغيري لا يوجب فعله قربا ، ولا تركه بعدا.
وجه الظّهور في الجواب ، هو ما عرفت آنفا ، من أنّ الواجب الغيري إذا اتي به قاصدا لامتثال الواجب النّفسي يكون مصداقا لاظهار العبوديّة ، فيوجب فعلها حينئذ القرب إلى الله تعالى ، كما يوجب تركها ، البعد عنه ، وعليه ، فلا مانع من ترتّب الثّواب والعقاب على مثل هذا الواجب الغيري.
هذا ، ولكن اجيب عن هذا الإيراد بوجه آخر وهو أنّ الثّواب من المجعولات الشّرعيّة وهي تابعة لسعة الجعل وضيقه ، فيدّعى أنّه كما يجعل الله الثّواب على
__________________
(١) أجود التّقريرات : ج ١ ، ص ١٧٢.