الواجبات ، كذلك يجعله على مقدّماتها من الطّهارات الثّلاث ، وهذا ممّا ارتضاه المحقّق النّهاوندي قدسسره. (١)
وفيه ، أنّ الإشكال مبتن على القول بالاستحقاق ، لا الجعل والتّفضّل ، وواضح ، أنّ الاستحقاق فرع الإتيان بقصد القربة ، كما لا يخفى.
نعم ، هنا إشكال آخر على الطّهارات الثّلاث لا بدّ في دفعه من تأمّل ، حاصله :
أنّه لا ريب في أنّ الأوامر المتعلّقة بالطّهارات الثّلاث هي أوامر غيريّة توصّليّة لا يحتاج امتثالها إلى قصد التّقرب ، مع أنّه لا خلاف بين علماء الإسلام سوى أبي حنيفة (٢) في كونها من العباديّات الّتي يعتبر في امتثالها أن يكون بقصد قربيّ ، وإلّا يبطل العمل كسائر الواجبات التّعبّديّة ، وعليه ، فكيف يمكن الجمع في مثل المقام!
لا يقال : إنّ الإشكال إنّما يتمّ في فرض توصّليّة الأوامر المتعلّقة بالطّهارات ، ولكن لقائل أن يلتزم بأنّ تلك الأوامر ليست كذلك ، بل هي ممّا يتوقّف عباديّة الطّهارات عليها ، كما في سائر الامور العباديّة.
لأنّه يقال : أنّ الطّهارات الثّلاث بعنوان أنّها عبادات تكون من المقدّمات ، بمعنى : أنّ الصّلاة إنّما تتوقّف عليها إذا قصد بها القربة لا مطلقا ، فإذا لا مناص من فرض عباديّة الطّهارات قبل تعلّق الأوامر الغيريّة بها.
ودعوى أنّ منشأ عباديّتها هي تلك الأوامر ممنوعة ؛ للزوم الدّور حينئذ ، وهذا واضح البطلان.
__________________
(١) راجع ، تنقيح الاصول : ج ٢ ، ص ٥١.
(٢) راجع ، نهاية الاصول : ج ١ ، ص ١٧٤.