هذا ، ولكن اجيب عن هذا الإشكال بوجوه :
منها : ما عن المحقّق الخراساني قدسسره من أنّ الطّهارات الثّلاث مستحبّات نفسيّة قابلة للتّقرّب بها إلى الله تعالى ولو في فرض تعلّق الأوامر الغيريّة بها ، فقصد القربة فيها إنّما هو لأجل كونها في نفسها امورا عباديّة ، لا لكونها مطلوبات غيريّة. (١)
وقد أورد عليه المحقّق النّائيني قدسسره (٢) من جهات :
الاولى : أنّ الالتزام بالاستحباب النّفسي في الطّهارات لو تمّ ، فإنّما يتمّ في خصوص الوضوء والغسل دون التّيمّم ؛ حيث إنّه لم يقم على استحبابه النّفسي دليل من الشّرع الأنور.
وفيه ، أنّه يكتفى في إثبات استحبابه نفسيّا بالإطلاقات الدّالة على استحباب الطّهر في نفسه (٣) ، فإنّ التّيمّم بمقتضى قوله عليهالسلام : «التّيمّم أحد الطّهورين» (٤) يكون طهورا بلا إشكال.
الثّانية : أنّه لا يتمّ الالتزام بالاستحباب النّفسي في الطّهارات الثّلاث ؛ ضرورة ، أنّ مقتضاه هو اجتماع الوجوب الغيري والاستحباب النّفسي في موضوع واحد ، وهذا ممتنع لمكان المضادّة بينهما ، فيجب حينئذ اندكاك الاستحباب في الوجوب الغيري ، كاندكاك السّواد الضّعيف في الشّديد ، ومعه لا مصحّح للعباديّة.
__________________
(١) راجع ، كفاية الاصول : ج ١ ، ص ١٧٧.
(٢) راجع ، اجود التّقريرات : ج ١ ، ص ١٧٥.
(٣) وسائل الشّيعة : ج ١ ، كتاب الطّهارة ، أبواب الوضوء ، ص ٢٦١ إلى ٢٧١.
(٤) وسائل الشّيعة : ج ٢ ، كتاب الطّهارة ، الباب ٢١ من أبواب التّيمّم ، الحديث ١ ، ص ٩٩١ و ٩٩٢.