المورد هو حال غيره من موارد الاستحباب الّتي عرض عليها الوجوب من ناحية نذر وغيره ، كصلاة اللّيل الواجبة بنذر ونحوه ، فكما يتحصّل من ذلك أمر واحد وجوبي مؤكّد وهو يكون عباديّا ؛ لأنّ كلّا منهما يكسب من الآخر صفة ، بعد عدم إمكان بقاء كلّ منهما بحدّه الخاصّ ، فكذلك المقام. (١)
وفيه : أوّلا : أنّه مغالطة ومخالطة ؛ ضرورة ، أنّ الواجب ليس نفس متعلّق الأمر النّدبي ، بل هو عنوان الوفاء بالنّذر ، إلّا أنّ الوفاء به يتوقّف على فعل الصّلاة الّتي يتعلّق بها الأمر النّدبي.
وإن شئت ، فقل : إنّه وقع الخلط في كلامه قدسسره بين متعلّق الأمر الوجوبي وهو الوفاء بالنّذر ، وبين ما هو مصداقه بالعرض وهو صلاة اللّيل ـ مثلا ـ فأين الاندكاك والوحدة.
وثانيا : أنّ الاندكاك لو كان ، لكان باندكاك الضّعيف في القوىّ وهو الأمر النّدبي في الوجوبيّ ، كاندكاك السّواد الضّعيف في القوىّ ، ولا عكس ، كما في المقام ، فكيف يمكن أن يقال : إنّ الأمر الوجوبيّ الغيريّ القويّ ، يكتسب العباديّة من النّدبيّ الضّعيف.
الجهة الثّالثة : أنّه لا إشكال في صحّة الطّهارات الثّلاث إذا أتى بها بقصد الأمر النّفسيّ المتعلّق بذيها مع تحقّق الغفلة غالبا بالنّسبة إلى الأمر النّفسيّ المتعلّق بها ، ومن المعلوم ، أنّه لو كان منشأ عباديّتها ذلك الأمر النّفسيّ ، يلزم أن لا تقع صحيحا ، إذ المفروض ، أنّه مغفول ، فما هو كذلك ، كيف يكون مصحّحا للعباديّة! (٢)
__________________
(١) راجع ، محاضرات في الاصول : ج ٢ ، ص ٣٩٨.
(٢) راجع ، أجود التّقريرات : ج ١ ، ص ١٧٥.