التّوصّل إلى ذيها ، كما عن الشّيخ الأنصاري قدسسره (١) ، أو أنّها واجبة إذا ترتّب عليها وجود ذيها وهو المعبّر عنه بالمقدّمة الموصلة ، كما ذهب إليه صاحب الفصول قدسسره (٢) أقوال ثلاثة ، أقواها هو الأخير ، والباقي مردود.
أمّا القول الأوّل (اشتراط وجوب المقدّمة بإرادة ذيها) فلما فيه من المحذورين :
أحدهما : لزوم اشتراط وجوب ذى المقدّمة بإرادة إتيان نفسه ـ أيضا ـ لما أشرنا من التبعيّة بينهما في الإطلاق والاشتراط ، فيكون اشتراط وجوب المقدّمة بإرادة ذيها ، كاشفا عن اشتراط وجوب ذيها بإرادة نفسه ، وهذا كما ترى ؛ إذ الوجوب لا يدور في تشريعه مدار الإرادة ، بل يدور مدار مباديه وعلله الخاصّة ، وإرادة العبد إنّما تبدو في مرحلة الامتثال والإطاعة ، لا غير.
ثانيهما : لزوم اشتراط وجوب المقدّمة بإرادة نفسها ـ أيضا ـ وذلك لعدم انفكاك إرادة ذي المقدّمة عن إرادتها ، فإذا كان وجوب المقدّمة مشروطا بإرادة ذيها يلزم أن يكون مشروطا بإرادة نفسها ـ أيضا ـ وهذا ممّا لا يخفى فيه التّأمّل.
هذا ، بناء على حمل ظاهر كلام صاحب المعالم قدسسره على القضيّة الشّرطيّة ، وأمّا بناء على حمله على القضيّة الحينيّة ولو بقرينة لفظ : «في حال» المذكور في كلامه (٣) ، فيرد عليه بعدم دخل إرادة ذي المقدّمة في ملاك وجوب المقدّمة وهو التّوقّف والإناطة ، فإذا لا وجه لطريان الوجوب عليها حين إرادة ذيها.
__________________
(١) راجع ، مطارح الأنظار : ص ٧٢.
(٢) راجع ، الفصول الغروية : ص ٦٤.
(٣) حيث قال قدسسره : «وأيضا فحجّة القول بوجوب المقدّمة على تقدير تسليمها إنّما ينتهض دليلا على الوجوب في حال كون المكلّف مريدا للفعل المتوقّف عليها ، كما لا يخفى على من أعطاها حقّ النّظر». معالم الدّين ، ص ٦٦.