نعم ، لو كان مراده قدسسره اعتبار قصد التّوصّل إلى ذيها في وجوبها ، فهو داخل في القول الثّاني ، ويأتي ما فيه من الضعف.
أمّا القول الثّاني (اشتراط قصد التّوصّل في وجوب المقدّمة) ، فلما فيه من الاحتمالات الأربعة ، كلّها مخدوش :
أحدها : اعتبار قصد التّوصّل في وجوبها ، كاعتبار الإرادة فيه ، وهذا هو ظاهر كلام صاحب المعالم قدسسره.
ثانيها : اعتباره في خصوص المقدّمات العباديّة على نحو شرط الواجب.
ثالثها : اعتباره في خصوص المقدّمة المحرّمة المنحصرة ، كذلك.
رابعها : اعتباره في مطلق المقدّمة ، كذلك.
أمّا الاحتمال الأوّل : فيرد عليه ما اورد على القول الأوّل.
وأمّا الاحتمال الثّاني : فوجهه ، أنّ المقدّمة العباديّة هي الحصّة الخاصّة الّتي لا تتحقّق إلّا بقصد القربة ، وهذا لا يتأتّى بقصد الأمر الغيري للزوم الدّور ، فلا بدّ في تحقّقها من قصد التّوصّل بها إلى ذيها كي يترتّب عليها ما هو الواجب.
وفيه : أوّلا : أنّه لا مانع من تحقّق عباديّة المقدّمات بقصد الأمر الغيري بلا لزوم محذور الدّور فيه ، كما عرفت سابقا.
وثانيا : أنّه لو سلّم ذلك ، فإنّما تتحقّق عباديّتها بقصد محبوبيّتها النّفسيّة بلا حاجة إلى قصد التّوصّل.
وأمّا الاحتمال الثّالث : فوجهه ، أنّ ملاك الوجوب الغيري هي المقدّميّة والإناطة ، فيتوجّه إلى طبيعىّ ما يتوقّف عليه الواجب ، كتوقّف الحجّ على طبيعيّ المشي أو الزّاد والرّاحلة ، وحينئذ فمع تساوي أفراد هذا الطّبيعي ، حكم العقل بتخيير