الأوّل : أنّه لو اعتبر الإيصال إلى الواجب النّفسي ، قيدا للمقدّمة ، لزم أن يكون الواجب النّفسي مقدّمة للمقدّمة ، وواجبا بوجوب ناش من وجوبها ، وهو مستلزم للدّور ؛ إذ وجوب المقدّمة متوقّف على وجوب ذيها ، والمفروض ـ أيضا ـ أنّ وجوب ذيها نظرا إلى كونه مقدّمة للمقدّمة ، متوقّف على وجوبها. (١)
وفيه : أنّ وجوب ذي المقدّمة ليس متوقّفا على وجوبها ، لكن لمّا كان ذو المقدّمة بوجوده مقدّمة للمقدّمة بقيد الإيصال فمضافا إلى كونه واجبا نفسيّا ، يصير واجبا مقدّميّا غيريّا طوليّا ، وهذا لا محذور فيه إلّا اجتماع الواجب النّفسي والغيري في شيء واحد ، وهو ليس بمحذور.
التّقريب الثّاني : أنّ وجود ذي المقدّمة متوقّف على وجود المقدّمة ولو فرض اعتبار الإيصال في المقدّمة ، يلزم أن يتوقّف وجودها على وجود ذيها ـ أيضا ـ كما هو واضح. (٢)
وفيه : ما لا يخفى ؛ إذ وجود ذي المقدّمة موقوف على ذات المقدّمة بلا قيد الإيصال ، وأمّا ذاتها ، فلا يتوقّف على وجود ذيها كى يلزم الدّور ، بل المتوقّف إنّما هو تعنونها بعنوان الموصليّة ، فلا دور.
وإن شئت فقل : إنّ المقدّمة بقيد الإيصال تتوقّف على وجود ذيها ، وأمّا ذو المقدّمة ، فلا يتوقّف عليها بقيد الإيصال ، بل يتوقّف على ذاتها ، فالدّور مرتفع.
وأمّا التّسلسل ، فقال قدسسره في تقريبه ما حاصله : إنّ القول بمقدّميّة المقدّمة
__________________
(١) راجع ، أجود التّقريرات : ج ١ ، ص ٢٣٧.
(٢) راجع ، فوائد الاصول : ج ١ ، ص ٢٩٠.